ولم يدخل مثل هذا الجهد المكثف من جانب حسن باشا بالطبع في حسابات الحكومة التي حاولت عزل هذا الباشا القوي عدة مرات ولكنه كان يتمكن في كل مرة من تأجيل اقالته. وهكذا طالت القضية إلى ان بدأت الحملة على فارس وعندما لم يعد عزل باشا بغداد والقائد العام للقوات العراقية المسلحة متأخراً فحسب ، بل اصبح خطراً ايضاً فلربما اجبره ذلك على التحول إلى فارس خوفاً على حياته. ولهذا لم يبق امام الباب العالي الا استغلال قدرة والي بغداد وقوته ضد الجارة الشرقية. وقد بدأت الحملة بالفعل في عام ١٧٢٣م عندما عبرت الحدود وتوغلت في تخوم فارس ثلاثة جيوش عثمانية خصص احدها وهو الجيش الذي كان يقوده حسن باشا والي بغداد للعمل ضد كرمنشاه وعموم المنطقة الجنوبية القريبة من فارس.
لقد كان الوقت الذي اختبره لبداية الحملة في غاية الملاءمة ذلك ان فارس كانت تعيش انذاك اخر فصول الدراما الصفوية فقد قام الافغان الذين كانوا قد تحرروا من السلطة الفارسية في ١٧١٧م بغزو فارس بقيادة السلطان محمود (١). ولم يكن الشاه سلطان حسين الذي ارتقى العرش في ١٦٩٤م والذي كتب عنه فولينسكي مبعوث بطرس الكبير إلى الامبراطورية يقول : «يوجد هنا الان رئيس لا يقف فوق الرعية ولكنه رعية لرعيته ....» (٢) لم يكن ابداً في حالة تمكنه من صدّ محمود الذي احتل العاصمة اصفهان في ١٧٢٢م واطاح بالشاه واستحوذ على تاج فارس. ولم تعترف اغلبية
__________________
(١) Malcoim, OP. Cit. T. II, p. ٣٩٩ FF.
(٢) س. سولفيوف ، تاريخ روسيا منذ اقدم العصور ، الجزء ١٨ و (سانت بطرسورغ) ص ٦٦٦. [بالروسية].