سِيدَه ؛ كالبائِنَةِ عن الجوْهرِيّ ، قالَ : وأَمَّا التي قرُبَتْ من وَتَرِها حتى كادَتْ تلْصَقُ به فهي البانِيةُ ، بتقْدِيمِ النونِ ، وكِلاهُما عَيْبٌ.
والبائِنُ كما هو مُقْتَضى سِياقِه ؛ وفي الصِّحاح ، البائِنَة البئْرُ البَعيدَةُ القَعْرِ الواسِعَةُ كالبَيُونِ ، كصَبُورٍ ، لأنَّ الأشْطانَ تَبِينُ عن جرابِها كثيراً.
وقيلَ : بِئْرٌ بَيُونٌ واسِعَةُ الجالَيْنِ.
وقالَ أبو مالِكٍ : هي التي لا يُصيبُها رِشاؤُها ، وذلكَ لأنَّ جِرابَ البِئْرِ مُسْتَقيمٌ.
وقيلَ : هي البِئْرُ الواسِعَةُ الرأْسِ الضَّيِّقَةُ الأسْفَل ؛ وأَنشَد أبو عليِّ الفارِسِيّ :
إِنَّك لو دَعَوْتَني ودُوني |
|
زَوْراءُ ذاتُ مَنْزعٍ بَيُونِ |
لقُلْتُ لَبَّيْه لمَنْ يَدْعوني (١)
والجَمْعُ البَوائِنُ ؛ وأَنْشَدَ الجوْهرِيُّ للفَرَزْدقِ يَصِفُ خَيْلاً :
يَصْهِلْنَ للشبحِ البَعِيدِ كأنَّما |
|
إرْنانُها ببَوائنِ الأشْطانِ (٢) |
أَرادَ : أنَّ في صَهِيلِها خُشُونَةً وغِلَظاً كأنَّها تَصْهَل في بئْرٍ دَحُول ، وذلكَ أَغْلَظُ لِصَهِيلِها.
وغُرابُ البَيْنِ : هو الأبْقَعُ ؛ قالَ عَنْترةُ :
ظَعَنَ الذين فِراقَهم أَتَوَقَّعُ |
|
وجَرَى ببَيْنِهمُ الغُرابُ الأبْقَعُ |
حَرِقُ الجَناحِ كأنَّ لَحْيَيْ رأْسِه |
|
جَلَمَانِ بالأخْبارِ هَشٌّ مُولَعُ (٣) |
أَو هو الأحمَرُ المِنْقارِ والرِّجْلَيْنِ ، وأَمَّا الأسْوَدُ ، فإنَّه الحاتِمُ لأنَّه يَحْتِمُ بالفِراقِ ، نَقَلَه الجوْهرِيُّ عن أَبي الغَوْثِ.
وهذا الشَّيءُ بَيْنَ بَيْنَ أي بينَ الجيِّد والرَّدِيءِ ، وهما اسْمانِ جُعِلا واحِداً وبُنِيا على الفتح ؛ والهمزَةُ المُخَفَّفَةُ تُسَمَّى هَمْزَةَ بَيْنَ بَيْنَ أي هَمْزَةٌ بَيْنَ الهَمْزَةِ وحَرْف اللّين ، وهو الحَرْفُ الذي منه حَرَكَتُها إنْ كانت مَفْتوحَة ، فهي بَيْنَ الهَمْزَةِ والألِفِ مِثْل سَألَ ، وإِن كانتْ مَكْسورَةٌ فهي بَيْنَ الهَمْزَةِ والياءِ مِثْل سَئِم ، وإن كانتْ مَضْمومَةً فهي بَيْنَ الهَمْزَةِ والواوِ مِثْل لَؤُمَ ، وهي لا تَقَعُ أَوَّلاً أَبداً لقرْبِها بالضِّعْفِ مِن السَّاكِنِ ، إلَّا أَنَّها وإن كانتْ قد قَرُبَتْ مِن السّاكِن ولم يكنْ لها تَمكّن الهَمْزَةِ المُحَقَّقَة فهي مُتَحرِّكَة في الحَقيقَةِ ، وسُمِّيَت بَيْنَ بَيْنَ لضَعْفِها ؛ كما قالَ عَبيد بنُ الأبْرص :
نَحْمي حَقيقَتَنا وبع |
|
ضُ القَوْمِ يَسْقُط بَيْنَ بَيْنَا (٤) |
أي يَتَساقَطُ ضَعِيفاً غَيْر معتدٍّ به ، كذا في الصِّحاحِ.
وقالَ ابنُ بَرِّي : قالَ السِّيرافي : كأنَّه قالَ بَيْنَ هؤلاء وهؤلاء ، كأنَّه رجلٌ يدْخلُ بينَ الفَرِيقَيْنِ في أَمرٍ مِنَ الأُمورِ فيسْقُط ولا يُذْكَر فيه.
قالَ الشيْخ : ويجوزُ عنْدِي أن يُريدَ بينَ الدّخولِ في الحرْبِ والتّأخر عنها ، كما يقالُ : فلانٌ يُقدِّمُ رِجْلاً ويُؤخِّرُ أُخْرَى.
وقوْلُهم : بَينا نَحْنُ كذا إذا حَدَثَ كذا : هي بينَ ، وفي الصِّحاحِ : فعلى ، أُشْبِعَتْ فَتْحَتُها فحَدَثَتِ الألِفُ ؛ وفي الصِّحاحِ : فصارَتْ أَلِفاً.
قالَ عبدُ القادِرِ البَغْدادِيُّ ، رحِمَه اللهُ تعالى : ومَن زَعَمَ أنَّ بَيْنا مَحْذُوفَة مِن بَيْنما احْتَاجَ إلى وحي يصدقه ؛ وأَنْشَدَ سِيْبَوَيْه :
__________________
(١) اللسان والتهذيب والأساس.
(٢) اللسان والصحاح والتهذيب منسوباً إلى جرير ، وتبع الصاغاني في التكملة الجوهري في نسبته لجرير ، قال الصاغاني : والبيت للفرزدق يهجو جريراً والرواية إرنانها أي كأنها تصهل من آبار بوائن لسعة أجوافها وأذنابها تصحيف. ويروى : يصهلن للشبح البعيد ، ويروى : للنظر البعيد.
(٣) ديوانه ط بيروت ص ٤٨ واللسان والصحاح.
(٤) ديوانه ط بيروت ص ١٤١ واللسان والصحاح.