قالَ ابنُ بَرِّي : ويُرْوى ورَيْبِها ، أنَّثَه على معْنَى الدُّهُورِ ، ورَدّه على عُمومِ الجنْسِ ؛ وأنْشَدَ الأصْمعيُّ :
غلامُ وَغًى تَقَحَّمها فأَبْلَى |
|
فخانَ بلاءَهُ الدَّهرُ الخَؤُونُ |
فإنَّ على الفَتَى الإقْدامَ فيها |
|
وليسَ عليه ما جنَتِ المَنُونُ (١) |
قالَ : فالمَنُونُ يُريدُ بها الدُّهورَ بدَليلِ قَوْلِه في البيتِ قَبْله :
فخانَ بلاءَهُ الدَّهرُ الخَؤُونُ
والمَنُونُ : المَوْتُ ، وبه فُسِّرَ قَوْلُ الهُذَليّ ، وإنَّما سُمِّي به لأنَّه ينقصُ العَدَدَ ويَقْطَعُ المَدَدَ.
وقيلَ : المنَّةُ هي التي تكونُ بالقَوْلِ ، هي مِن هذا ، لأنَّها تقْطَعُ النّعْمةَ ، قالَهُ الرَّاغبُ.
وقالَ ثَعْلَب : المَنُونُ يُحْمَلُ مَعْناهُ على المَنايَا فيُعَبَّرُ بها عن الجَمْع ؛ وأنْشَدَ لعدِيِّ بنِ زيْدٍ :
مَنْ رَأَيْتَ المَنُونَ عَزَّينَ أَمْ مَنْ |
|
ذا عَلَيْه من أنْ يُضامُ خَفِيرُ (٢) |
وقالَ غيرُهُ : هو يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ ، فمَنْ أنَّثَ حَمَلَ على المَنِيَّةِ ، ومَنْ ذَكَّرَ حَمَلَ على المَوْتِ.
وقالَ ابنُ سِيدَه : يُحْتَملُ أنْ يكونَ التَّأْنِيثُ راجِعاً إلى معْنَى الجنْسِيَّةِ والكَثْرةِ.
وقالَ الفارِسِيُّ : لأنَّه ذَهَبَ به إلى معْنَى الجنْسِ.
وقالَ الفرَّاءُ : المَنُونُ مُؤَنَّثةٌ وتكونُ واحِدَةً وجَمْعاً.
قالَ ابنُ بَرِّي : وأَمّا قَوْلُ النابِغَةِ :
وكلُّ فَتًى وإنْ أَمْشَى وأَثْرَى |
|
سَتَخْلِجُه عن الدنيا المَنُونُ (٣) |
قالَ : فالظاهِرُ أنَّه المَنِيَّةُ ، قالَ : وكذلِكَ قَوْلُ أَبي طالِبٍ :
أَيّ شيءٍ دَهاكَ أَو غالَ مَرْعا |
|
كَ وهل أَقْدَمَتْ عليك المَنُونُ؟ |
قال : المَنُونُ هنا المنيّةُ لا غير وكذلك قولُ عَمْرو بن حسَّان :
تَمَخَّضَتِ المَنُونُ له بيَوْمٍ |
|
أنَى ولكلِّ حاملةٍ تَمامُ (٤) |
وكذلكَ قَوْلُ أَبي دُوَادٍ :
سُلّطَ المَوْتُ والمَنُونُ عليهم |
|
فَهُمُ في صَدَى المَقابِرِ هامُ (٥) |
والمَنُونُ : الكَثيرُ الامْتِنانِ ؛ عن اللّحْيانيِّ : كالمَنُونَةِ ، والهاءُ للمُبالَغَةِ.
والمَنُونُ من النِّساءِ : التي زُوِّجَتْ (٦) لِمَالِها فهي أَبَداً تَمُنُّ على زَوْجِها ، عن اللّحْيانيِّ ، كالمَنَّانَةِ.
وقالَ بعضُ العَرَبِ : لا تَتَزوَّجَنَّ حَنَّانَةً ولا مَنَّانَةً ؛ وقد ذُكِرَ في حنن.
والمَنِينُ ، كأَميرٍ : الغُبارُ الضَّعيفُ المُنْقطِعُ.
وأَيْضاً : الحَبْلُ الضَّعيفُ ، والجَمْعُ أَمِنَّةٌ ومُنُنٌ.
والمَنِينُ : الرَّجُلُ الضَّعيفُ ، كأنَّ الدَّهْرَ مَنَّه ، أَي ذَهَبَ بمُنَّتِه.
وأَيْضاً : القَوِيُّ ، عن ابنِ الأَعْرابيِّ ؛ وهو ضِدٌّ كالمَمْنُونِ بمعْنَى الضَّعيفِ والقَوِيِّ ، عن أَبي عَمْرٍو ، وهو ضِدٌّ أَيْضاً.
ومَنِينُ : ة في جَبَلِ سَنِينٍ (٧) ، هكذا في النُّسخِ والصَّوابُ : سَنِيرٍ ، بالرَّاءِ في آخِرِه ، وهو مِن أَعْمالِ الشامِ ، منها : الشيخُ الصالِحُ أبو بكْرٍ محمدُ بنُ رزقِ اللهِ ابنِ عُبيدِ اللهِ المَنِينيُّ المُقْرِئُ إمامُ أَهْلِ قَرْيةِ مَنِينَ ، رَوَى عن أَبي عَمْرٍو (٨) ومحمدِ بنِ موسَى بنِ فَضَالَةَ ، وعنه عبدُ
__________________
(١) اللسان.
(٢) اللسان.
(٣) ديوانه صنعة ابن السكيت ط دار الفكر بيروت ص ٢٥٧ وفيه : «منون» بدون ألف ولام. والمثبت كاللسان.
(٤) اللسان.
(٥) اللسان.
(٦) على هامش القاموس عن نسخة : تُزُوِّجَتْ.
(٧) في القاموس : «سَنِيرٍ» كياقوت.
(٨) في اللباب ومعجم البلدان : «أبي عمر».