بتَشْديدِ النونِ ، وحَقُّها عنْدِي أنْ تكونَ مَئِينَةٌ (١) على فَعِيلَةٍ ، لأنَّ الميمَ أَصْليَّةٌ ، إلَّا أنْ يكونَ أَصلُ هذا الحَرْف مِن غيرِ هذا البابِ فيكون مِن إنَّ المَكْسُورَة المُشدَّدَة ، كما يقالُ : هو مَعْساةٌ من كذا أَي مَجْدَرَة ومَظِنَّة ، وهو مبْنيٌّ من عَسَى.
وكانَ أَبو زيْدٍ يقولُ : هي مَئِتَّةٌ بالمُثَنَّاةِ من فَوْق ، أَي مَخْلَقة لذلِكَ ومَجْدَرة ومَحْرَاة ونَحْو ذلِكَ ، وهو مَفْعِلَةٌ من أَتَّهُ أَتَّا إذا غَلَبَه بالحُجَّةِ.
قالَ ابنُ بَرِّي : المَئِنّة على قَوْلِ الجوْهرِيِّ والأزْهرِيّ كانَ يجبُ أنْ تُذْكَرَ في أنن ، وكذا قالَ أبو عليٍّ في التذْكِرَةِ.
وقيلَ : وَزْنُها فَعِلَّةٌ من مَأنَ إذا احْتَمَلَ ، وحينَئِذٍ فالميمُ أَصْليَّة ، وهو مِن هذا الفَصْل.
وماءَنَ في هذا الأَمْرِ ، كفاعَلَ ، مُمَاءَنَةٌ ، أَي رَوَّأَ عَنِ الأصْمعيِّ.
والمَأْنُ : خَشَبَةٌ في رأْسِها حَديدَةٌ تُثارُ بها الأرْضُ ؛ عن أَبي عَمْرٍو وابنِ الأَعْرابيِّ.
وتَماءَنَ : قَدُمَ ، وبه فُسِّرَ قَوْلُ الهُذَليّ :
رُوَيدَ علِيًّا جُدَّ ما ثَدْيُ أُمِّهِم |
|
إلينا ولكنْ وُدُّهم مُتَمائِنُ (٢) |
أي قدِيمٌ ، وهو مِن قوْلِهم : جاءَني الأَمْرُ وما مأَنْتُ فيه مأْنَةً ، أي ما طَلَبْتُه وما أطَلْتُ التعبَ فيه ، والْتِقاؤُهما إذاً في معْنَى الطُّولِ والبُعْدِ ، وهذا معْنَى القِدَمِ ، وقد رُوِيَ مُتَمايِنٌ بغيرِ هَمْزٍ ، فهو حينَئِذٍ مِن المَيْنِ ، وهو الكَذِبُ ، ويُرْوَى مُتَيامِنٌ أي مائِلٌ إلى اليَمَنِ.
والتَّمْئِنَةُ : التَّهْيِئَةُ والفِكْرُ والنَّظَرُ من مأَنْتُ إذا تَهَيَّأْتُ ، فالميمُ فيه أصْليَّة ؛ وهكذا فَسَّر ابنُ الأَعْرابيِّ قَوْلَ المرَّار الفَقْعَسِيّ :
فتهامَسُوا شيئاً فقالوا عرَّسُوا |
|
من غيرِ تَمْئِنَةٍ لغيرِ مُعَرَّسِ (٣) |
قالَ ابنُ بَرِّي : والذي في شِعْرِ المَرَّارِ فتَناءَمُوا أي تكَلَّمُوا مِن النَّئِيمِ ، وهو الصَّوْتُ ؛ وكذا رَوَاهُ ابنُ حَبيب.
والمَمْأَنَةُ : المَخْلَقَةُ والمَجْدَرَةُ زِنَةً ومعْنًى ، والميمُ زائِدَةٌ.
وامْأنْ مَأْنَكَ واشْأنْ شَأْنَكَ : أي افْعَلْ ما تُحْسِنُه ؛ وأنْشَدَ الجوْهرِيُّ :
إذا ما عَلِمْتُ الأمْرَ أقرَرْتُ عِلْمَه |
|
ولا أدَّعي ما لستُ أمْأَنُه جَهْلا |
كفى بامرئٍ يوماً يقولُ بعِلْمِه |
|
ويسكتُ عمَّا ليس يَعْلَمُه فَضْلا (٤) |
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
أتاني ذلِكَ وما مأَنْتُ : أي عَلِمْتُ بذلِكَ ؛ عن أعْرابيٍّ من سُلَيْم.
وقالَ اللَّحْيانيُّ : ما عَلِمْتُ عِلْمَه.
والتَّمِئَنَةُ : الإعْلامُ.
وقالَ الأصْمعيُّ : التَّعْريفُ ؛ وبه فسَّر قَوْلَ المَرَّار المَذْكُور.
وقالَ ابنُ حبيبٍ : هي الطُّمَأْنِينَةُ ، وبه فَسَّر قَوْلَهُ : يقولُ : عَرَّسُوا بغيرِ مَوْضِع الطُّمَأْنِينَة ، وقيلَ : هي مَفْعِلَةٌ من المَئِنَّة التي هي المَوْضِعُ المَخْلَقُ للنّزولِ أي في غيرِ موْضِع تَعْريسٍ ولا عَلامَة تَدلّهم عليه.
ونُقِلَ عن ابنِ الأَعْرابيِّ : هو تَفْعِلةٌ من المَؤُونَةِ التي هي القُوتُ.
والمَائِنَةُ : اسمُ ما يُمَوَّنُ أي يُتَكلَّفُ مِن المَؤونَةِ ؛ عن الليْثِ.
واخْتُلِفَ في المونَةِ تُهْمَزُ ولا تُهْمَزُ وقد أشارَ له
__________________
(١) في القاموس : «مَبْنِيَّةً» وعلى هامشه عن نسخة : مَئِينَةً.
(٢) اللسان ، والتكملة ونسبه لمالك بن خالد الهذلي ، ويروى للمعطل ، والبيت في ديوان الهذليين ٣ / ٤٦ في شعر المعطل.
(٣) اللسان والصحاح والتهذيب.
(٤) اللسان والصحاح والتهذيب : «مان» ١٥ / ٥٢٨.