فصل الميم مع النون
[مأن] : المَأْنَةُ : السُّرَّةُ وما (١) حَوْلَها ، ومنهم مَنْ خَصَّها بالفَرَسِ ؛ ومن البَقَرِ : الطَّفْطَفَةُ أَو شَحْمَةُ (٢) قَصِّ الصَّدْرِ لاصِقَةٌ بالصِّفاقِ من باطِنِهِ مُطِيفَتُه كُلَّه ، أَو لَحمةٌ تحْتَ السُّرَّةِ إلى العانَةِ.
وقالَ سِيْبَوَيْه : هي تحتَ الكِرْكِرَةِ ؛ وأَنْشَدَ :
يُشَبَّهْنَ السَّفِينَ وهُنَّ بُخْتٌ |
|
عِراضاتُ الأباهِرِ والمُؤُونِ (٣) |
وقالَ غيرُهُ : باطِنُ الكِرْكِرَةِ ؛ كالمَأْنِ ، ج مَأْناتٌ ؛ وأَنْشَدَ أَبو زيْدٍ :
إذا ما كنتِ مُهْدِيةً فأَهْدِي |
|
من المَأْناتِ أَو قِطَع السَّنامِ (٤) |
ومُؤُونٌ على غيرِ قِياسٍ كبَدْرَةٍ وبُدُورٍ ؛ وأَنْشَدَ سِيْبَوَيْه :
يُشَبَّهْنَ السَّفِينَ وهُنَّ بُخْتٌ |
|
عِراضاتُ الأَباهِرِ والمُؤُونِ |
ومَأَنَهُ ، كَمَنَعَهُ ، مَأْناً : أَصابَ مَأْنَتَهُ وهي ما بينَ سُرَّتِه وعانَتِه وشُرْسُوفِه.
ومَأَنَهُ مَأْناً : اتَّقاهُ وحَذِرَهُ.
ومَأَنَ القَوْمَ : احْتَمَلَ مَؤُونَتَهُمْ ، أَي قُوتَهُمْ وقامَ عليهم ، والاسمُ المَائِنَةُ ؛ وقد لا تُهْمَزُ (٥) المَؤُونَةُ ، وهي فَعُولَةٌ ، فالفِعْلُ على هذا مانَهُمْ ، كما سيَأْتي ، أَشارَ إليه الجوْهرِيُّ.
قالَ الفرَّاءُ : أَتانِي وما مَأنْتُ مَأْنَهُ ، أَي لم أَكْتَرِثْ له أَو لم أشْعُرْ به ؛ عن أَبي زيْدٍ وابنِ الأعْرابيِّ ؛ أَو ما تَهَيَّأْتُ له ، وما (٦) أَخَذْتُ عُدَّتَهُ وأُهْبَتَهُ ولا عَمِلْتُ فيه ، عن الفرَّاء.
قالَ الأَزْهرِيُّ ، رحِمَه اللهُ تعالى : وهذا يدلُّ على أنَّ المَؤُونةَ مَهْموزَةٌ.
وقالَ بعضُهم : ما انْتَبَهْتُ له ولا احْتَفَلْتُ به. ومن ذلك أَيْضاً : ولا هُؤْتُ هَوْأَهُ ولا رَبَأْتُ رَبْأْهُ.
وقالَ بعضُهم : جاءَ الأَمْرُ وما مَأَنْتُ فيه مَأْنَةً ، أَي ما طَلَبْتُهُ ولا أَطَلْتُ (٧) التَّعَبَ فيه.
والمَئِنَّةُ في الحَدِيثِ الذي رَوَاهُ مُسْلِم عن ابنِ مَسْعودٍ ، رضِيَ اللهُ تعالى عنه ، كمَظِنَّةٍ : العَلامَةُ. ونَصُّ الحدِيثِ : «إنَّ طُولَ الصَّلاةِ وقِصَرَ الخُطْبةِ مَئِنَّة من فِقْه الرَّجُل» ، أَي ذلِكَ ممَّا يعْرفُ به فِقْه الرَّجُلِ.
قالَ ابنُ الأثيرِ : وكلُّ شيءٍ دلَّ على شيءٍ فهو مَئِنَّةٌ له ؛ أَو هي مَفْعِلَةٌ من إنَّ كمَعْساة من عَسَى ، فالميمُ حينَئِذٍ زائِدَةٌ ، أي مَخْلَقَةٌ ومَجْدَرَةٌ أنْ يقالَ فيه : إنَّه كذا وكذا.
قالَ ابنُ الأثيرِ : حَقِيقَتُها أنَّها مَفْعِلَةٌ من معْنَى إنَّ التي للتَّحْقِيقِ والتّأْكيدِ غَيْر مُشْتَقَّة مِن لفْظِها ، لأنَّ الحُروفَ لا يُشْتَقُّ منها ، وإنّما ضُمِّنَتْ حُروفها دلالةً على أنَّ مَعْناها فيها ، ولو قيلَ : إنَّها اشتُقَّتْ من لَفْظِها بعْدَ ما جُعِلَت اسْماً لكَان قولاً ، قالَ : ومن أَغْرَب ما قيلَ فيها أنَّ الهَمْزَةَ بدلٌ من ظاءِ المَظِنَّةِ ، والميمُ في ذلك كلِّه زائِدَةٌ.
وقالَ الأصْمعيُّ : سَأَلَني شعْبَة عن هذا فقلْتُ : مئِنَّة أَي عَلامَةٌ لذلِكَ وخَلِيقٌ لذلِكَ ؛ قالَ الراجزُ :
إنَّ اكْتِحالاً بالنَّقِيِّ الأبْلَجِ |
|
ونَظَراً في الحاجِبِ المُزَجَّجِ |
مَئِنَّةٌ من الفَعالِ الأَعْوجِ (٨)
قالَ : وهذا الحَرْفُ هكذا يُرْوَى في الحدِيثِ والشِّعْرِ
__________________
(١) في القاموس : أو ما حولها.
(٢) في القاموس بالرفع منونة ، وأضافها الشارح فخففها.
(٣) اللسان والتهذيب.
(٤) اللسان والتهذيب والمقاييس ٥ / ٢٩٢.
(٥) في القاموس : لا يُهْمَزُ.
(٦) في القاموس : «ولا».
(٧) على هامش القاموس عن نسخة : أطْلُبُ.
(٨) اللسان والصحاح.