الشَّريجُ : القَوْسُ.
وقالَ جَريرٌ :
أَعَيَّاشُ قد ذاقَ القُيونُ مَراسَتي |
|
وأَوْقدتُ نارِي فادْنُ دُونَكَ فاصْطِلي |
ويدخُلُ على دُونِ ، من والباءُ قَليلاً ، فيقالُ : هذا دُونك ، وهذا من دُونِك ، وفي الكِتابِ العَزيزِ : (وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ) (١) ؛ أَنْشَدَ سِيْبَوَيْه :
لا يَحْمِلُ الفارِسَ إلَّا المَلْبُونْ |
|
ألمحْضُ من أَمامِه ومن دُونْ (٢) |
قالَ : وإنَّما قلْنا فيه إنَّه إنَّما أرادَ مِن دُونِه لقوْلِه مِن أَمامه فأَضافَ ، فكَذلِكَ نَوَى إضافَة دُون ، وأَنْشَدَ في هذا المعْنَى للجَعْديِّ :
لها فَرَطٌ يكونُ ولا تَراهُ |
|
أَماماً من مُعَرَّسِنا ودُونا (٣) |
وأَمَّا الباءُ فقد اسْتَعْمَلَه الأَخْفَش في كتابِهِ في القَوافِي ، فقالَ فيه وقد ذَكَرَ أعْرابيًّا أَنْشَدَه شعْراً مُكْفَأً : فرَدَدْناه عليه وعلى نَفَرٍ مِن أَصْحابِهِ فيهم مَنْ ليْسَ بدُونِهِ ، فأَدْخَل عليه الباءَ كما تَرَى.
وقوْلُهم : دُونَ النَّهْرِ جماعَةٌ ، ودُونَ قَتْلِ الأَسَدِ أَهْوالٌ ، أَي قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إليه ؛ ومنه قوْلُ دُرَيْدٍ في المَقْصورَةِ :
إنَّ امْرأَ القيْسِ جرى إلى مَدَى |
|
فاعْتاقه حَمَامُه دُونَ المَدَى |
أَي قَبْلَه ؛ نَقَلَه الخفاجيُّ.
قالَ اللّحْيانيُّ : وأَكْثَرُ ما يقالُ (٤) في كَلامِ العَرَبِ : هذا رَجُلٌ من دُونٍ ، وهذا شيءٌ مِن دُونٍ أَي حَقِيرٌ ساقِطٌ ؛ يقُولُونَها مع مِن ؛ ومنه قوْلُهم : لو لا أَنَّك مِن دُونٍ لم تَرْضَ بذا ، ورَضِيتَ مِن فلانٍ بأَمْرٍ مِن دُونٍ. ولا يقالُ : رَجُلٌ دُونٌ لم يَتَكَّلُموا به ، وقد جَوَّزَه بعضُهم فقالَ : يقالُ : رَجُلُ دُونٌ : ليْسَ بلا حق ؛ وثوْبٌ دُونٌ : رَدِيءٌ.
وقالَ ابنُ جني : في شيءٍ دُونٍ ، ذَكَرَه في كتابِهِ المَوْسوم بالمُعَربِ. ولا يقالُ فيه ما أَدْوَنَه لأنَّه لا يَتَصَرَّف منه فِعْل.
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
قالَ سِيْبَوَيْه : قالوا هو دُونَكَ في الشَّرفِ والحَسَبِ ونحْوِه على المَثَلِ ، كما قالُوا : إنه لصُلْبُ القَناةِ ، وإنَّه لمن شَجَرَةٍ صالِحَةٍ.
قالَ ابنُ جني : ويقالُ : أَقلُّ الأَمْرَيْن أَدْوَنُهما.
قالَ ابنُ سِيْدَه : فاستعملَ منه أَفْعَل وهذا بَعِيدٌ لأنَّه ليْسَ له فعْلٌ ، فتكونُ هذه الصِّيغَةُ مَبْنِيَّة منه وإنمَّا تُصاغُ هذه الصِّيغَةُ مِنَ الأَفْعَالِ ، غَيْر أَنَّه قد جاءَ مِن هذا شيء ذَكَرَه سِيْبَوَيْه ، وذلكَ قوْلُهم : أَحْنَكُ الشاتَيْنِ ، كأنَّهم قالوا حَنَك ، فإنَّما جاؤوا بأَفْعَل على نَحْوِ هذا ، ولم يتَكَلَّموا بالفعْلِ.
وقد يكونُ دُون بمعْنَى تحْتَ كقوْلِكَ دُونَ قَدَمِك خَدُّ عدُوِّك ، أَي تحْتَ قَدَمِك ؛ وجَلَسَ دُونَه : أَي تحْتَه.
قالَ الفرَّاءُ : وتكونُ بمعْنَى على ، وبمعْنَى بَعْدَ ، وبمعْنَى عنْدَ ، الأخيرَةُ ذَكَرَها ابنُ السَّيِّدِ في المَعانِي ، وبه فسَّرَ الزوزني قوْلَ امْرئِ القَيْسِ :
فالحقه بالهاديات ودونه (٥)
أَي عنْدَه.
وبمعْنَى الأَدْون الذي نَقَلَه الرَّاغبُ.
ودِيوانٌ بالكسْرِ : اسمُ كلْبٍ ؛ وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي للرَّاجزِ :
أَعْدَدْتُ دِيواناً لدِرْباسِ الحَمِتْ |
|
مَتى يُعايِنْ شَخْصَه لا يَنْفَلِتْ (٦) |
__________________
(١) القصص ، الآية ٢٣.
(٢) اللسان.
(٣) اللسان.
(٤) في القاموس : «ويُقالُ» بدون «ما».
(٥) من معلقته ، ديوانه ص ٥٨ وتمام روايته :
فألحقنا بالهاديات ودونه |
|
جواحرها في صرةٍ لم تزيَّلِ |
(٦) اللسان.