قالَ : وغيرُهُ يرويه : لم يُدَنَّ ، بتَشْديدِ النُّونِ على ما لم يُسَمَّ فاعِلُه ، مِن دَنَّى يُدَنِّي أَي ضَعُفَ. يقولُ هذا الشاعِرُ : جَرْي هذا الفَرَسِ وحِدَّتُه خَلَّف الذِّرْعان ، أَي أَوْلادَ البَقَرَةِ خلْفَه وقد عَلا الرَّبْرَبَ شَدٌّ ليسَ فيه تَقْصِير.
والدِّيوانُ (١) ، بالكسْرِ ؛ قالَ ابنُ السِّكِّيت : لا غَيْر ، ويُفْتَحُ عن الكِسائي ، وحَكَاها سِيْبَوَيْه ؛ مُجْتَمَعُ الصُّحُفِ ، عن ابنِ السِّكِّيت.
وأَيضاً : الكِتابُ يُكْتَبُ فيه أَهْلُ الجَيْشِ وأَهلُ العَطِيَّةِ ؛ عن ابنِ الأَثيرِ ؛ ومنه الحدِيثُ : «لا يَجْمَعهم دِيوانُ حافظٍ».
وأوَّلُ مَنْ وَضَعَهُ عُمَرُ ، رَضِيَ الله تعالى عنه.
قالَ الجوْهرِيُّ : أَصْلُه دِوَّانٌ ، فعُوِّض مِن إحْدَى الواوَيْن ياء لأنَّه ج أَي يجْمَعُ على دَواوينٍ ، ولو كانتِ الياءُ أَصْليَّةً لقالُوا دِياوَين.
قالَ ابنُ بَرِّي : وحَكَى ابنُ دُرَيْدٍ وابنُ جني : أنَّه يقالُ : دَياوِينُ ، وقد دَوَّنَهُ تَدْوِيناً : جَمَعَهُ.
قالَ أَبو عُبَيْدَةَ : هو فارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وأَوْرَدَه الجواليقي في المُعَرَّبِ ، وكذا الخفاجيّ في شِفاءِ الغَليلِ.
وقالَ الكِسائيُّ : هو بالفتْحِ لُغَةٌ موَلَّدةٌ.
وقالَ سِيْبَوَيْه : إنَّما صَحَّتِ الواوُ في دِيوانٍ ، وإن كانتْ بعْدَ الياءِ ولم تَعْتل كما اعْتَلَّت في سيد ، لأنَّ الياءَ في دِيوانٍ غَيْرُ لازِمَةٍ ، وإنَّما هو فِعَّال مِن دَوَّنتُ ، والدَّليلُ على ذلِكَ قوْلُهم : دُوَيْوِينٌ ، فدلَّ ذلِكَ على أنَّه فِعَّالٌ وأنَّك إنَّما أَبْدَلْت الواو بعْدَ ذلِكَ.
قالَ : ومن قالَ دَيْوان فهو عنْدَه بمنْزِلَةِ بَيْطار. وقالَ الماورديّ في الأَحْكامِ السُّلْطانيَّة : إنَّ الدّيوانَ مَوْضُوعٌ لحفْظِ ما تعلَّقَ بحقُوقِ السَّلْطَنَةِ مِنَ الأَعْمالِ والأَمْوالِ ومَنْ يقومُ بها مِنَ الجيوشِ والعمَّال.
* قلْتُ : وذَكَرَ غيرُ واحِدٍ أنَّه إنَّما سُمِّي به لأنَّ كسْرَى لمَّا اطَّلَع على الكتَّاب ومُعامَلاتِهم في سرْعَةٍ قالَ : هذا عَمَل دِيوانٍ ، أَي هذا عَمَلُ الجنِّ ، فإنَّ دِيو ، بالكسْرِ ، الجِنّ ، والأَلِف والنُّون علامَةُ الجمْعِ عنْدَهم ، فبَقي هذا اللَّقَبُ هكذا.
وقالَ المَناوِيُّ : الدِّيوانُ جَريدَةُ الحسابِ ، ثم أُطْلِق على الحاسِبِ ، ثم على مَوْضِعِه.
وفي شِفاءِ الغَليلِ : أُطْلِقَ على الدَّفْترِ ، ثم قيلَ لكلِّ كتابٍ ، وقد يخَصُّ بشعْرِ شاعِرٍ معَيَّنٍ مجازاً حتى جاءَ حَقِيقَة فيه ، فمعانِيَه خَمْسة : الكَتَبَةُ ومحَلَّهم والدَّفْتَر وكلُّ كتابٍ ومَجْموعُ الشعْرِ : قلْتُ : ومِن أَحَدِ هذه المَعانِي سَمَّي الحافِظُ الذَّهبيُّ كتابَهُ في الضُّعَفاء والمَتْرُوكِين ، وهو عنْدِي بخطِّه.
ويقالُ : هذا دُونَه : أَي أَقْرَبُ منه.
ويقالُ : دُونَكَهُ إغراءٌ : أَي ألْزَمْه فاحْفَظْه.
وقالتْ تَمِيمُ للحجَّاجِ : أَقْبِرنا صالحاً وكانَ قد صَلَبَه ، فقالَ دُونَكُمُوه ، كما في الصِّحاحِ ، يعْنِي لمَّا قتلَ صالح ابن عبْدِ الرَّحْمن.
والتَّدَوُّنُ : الغِنَى التامُّ ؛ عن ابنِ الأعْرابيِّ.
وادْنُ دُونَكَ : أَي اقْتَرِبْ منِّي فيما بَيْني وبَيْنك. وفسَّرَ أبو الهَيْثم قوْلَ الشاعِرِ :
يَزيدُ يَغُضُّ الطَّرْفَ دُوني
أَي يُنَكِّسُه فيما بَيْني وبَينه مِن المكانِ ؛ وقالَ زُهَيْرُ بنُ خَبَّاب :
وإن عِفْتَ هذا فادْنُ دُونَكَ إنني |
|
قليلُ الغِرار والشَّرِيجُ شِعارِي (٢) |
__________________
(١) على هامش القاموس : قال المقريزي في الخطط نقلاً عن الماوردي في سبب تسميته ديواناً وجهان : أحدهما أن كسرى اطلع ذات يوم على كتاب ديوانه ، فرآهم يحسبون مع أنفسهم ، فقال : ديوانه ، أي : مجانين ، فسمي موضعهم بهذا الاسم ، ثم حذفت الهاء عند كثرة الاستعمال ، تخفيفاً للاسم ، فقيل : ديوان. والثاني أن الديوان اسم بالفارسية للشياطين ، فسمي الكتاب باسمهم ، لحذقهم بالأمور ، ووقوفهم على الجلي والخفي ، وجمعهم لما شذ وتفرق ، واطلاعهم على ما قرب وبعده ، ثم سمي مكان جلوسهم باسمهم ، فقيل : ديوان كتبه نصر.
(٢) اللسان والتهذيب.