أَحْسِنْ يا هذا فإنَّك مِحْسانٌ ، أَي لا تَزالُ مُحْسِناً.
والحَسَنَةُ : ضِدُّ السَّيِّئَةِ.
قالَ الرَّاغِبُ : الحَسَنَةُ يعبَّرُ بها عن كلِّ ما يسرُّ مِن نعْمَةٍ تَنالُ الإنْسانَ في نَفْسِه وبَدَنِه وأَحْوالِه ، والسَّيِّئَةُ تضادُّها وهُما مِنَ الأَلْفاظِ المُشْتركةِ كالحَيوانِ الوَاقِعِ على أَنْواعٍ مُخْتَلِفَةٍ ، الفَرَسِ والإنْسانِ وغَيْرهما.
فقَوْلُه تعالَى : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ) (١) ، أَي خِصبٌ وسِعَةٌ وظَفَرٌ ، (وَإِنْ تُصِبْهُمْ) (١) (سَيِّئَةٌ) ، أَي جَدْبٌ وضِيقٌ وخَيْبَةٌ.
وقوْلُه تعالَى : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ) (٢) ، أَي ثَوَاب ، (وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ) (٢) ، أَي عَذَاب ؛ ج حَسَنَاتٌ ، ولا يُكَسَّرُ ؛ ومنه قَوْلُه تعالَى : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) (٣) ، قيلَ : المُرادُ بها الصَّلواتُ الخَمْس يكفّرُ ما بينها.
وفي النوادِرِ : حُسَيْناهُ أَنْ يَفْعَلَ كذا ، بالقَصْرِ ويُمَدُّ ، أَي قُصارَاهُ وجُهْدُه وغايتُه ، وكَذلِكَ غُنَيْماؤُه وحُمَيْداؤُه.
وهو يُحْسِنُ الشَّيءَ إحْساناً : أَي يَعْلَمُه ؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ ، وهو مجازٌ وبه فسرَ قَوْله تعالَى : إنَّا لنراكَ (مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (٤) ، أي العُلَماء بالتَّأْوِيلِ.
ومنه قَوْل عليِّ ، رضِيَ اللهُ تعالَى عنه وكَرَّمَ وَجْهَه : «قيمةُ المَرْءِ ما يُحْسِنُه».
وقالَ الرَّاغِبُ : الإحْسانُ على وَجْهَيْنِ : أَحَدُهما : الإنْعامُ إلى (٥) الغَيْرِ ، والثاني : إحْسانٌ في فعْلِه ، وذلِكَ إذا عَلمَ عِلْماً حَسَناً أَو عَمِلَ عَمَلاً حَسَناً ؛ وعلى هذا قَوْلُ عليِّ ، كَرَّمَ اللهُ تعالَى وَجْهَه : «الناسُ أبْناء ما يُحْسِنُون» ، أَي مَنْسُوبونَ إلى ما يَعْلَمونَه وما يَعْمَلُونَه مِن الأَفْعالِ الحَسَنَةِ. واسْتَحْسَنَهُ : عَدَّهُ حَسَناً ؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ.
ومنه قوْلُهم : صَرْفُ هذا (٦) اسْتِحْسانٌ والمَنْعُ قِياسٌ ؛ وقَوْل الشاعِرِ :
فَمُسْتَحْسَنٌ مِن ذوي الجاه لَيِّنُ
والحَسَنُ والحُسَيْنُ : جَبَلانِ ؛ هكذا في نسخ الصِّحاح بالجِيمِ ، وفي بَعْضِها حَبَلانِ (٧) بالحاءِ ، أَو نَقَوانِ ، نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ عن الكَلْبيّ ؛ زادَ غيرُهُ : أَحَدُهما بإزاءِ الآخَر.
وقالَ الكَلْبيُّ أَيْضاً : الحَسَنُ اسْمُ رَمْلَةٍ لبَني سَعْدٍ.
وقالَ الأَزْهرِيُّ : الحَسَنُ نَقاً في دِيارِ بَني تَمِيمٍ مَعْروفٌ.
وقالَ نَصْر : الحَسن رَملٌ في دِيارِ بَني ضبَّةَ وجَبَلٌ في دِيارِ بَني عامِرٍ.
قالَ الجَوْهرِيُّ عن الكَلْبيِّ : وعندَ الحَسَنِ دُفِنَ ، ونَصُّ الصِّحاحِ : قُتِلَ أَبو الصَّهْباء ، بِسطامُ بنُ قَيْسِ بنِ خالِدٍ الشَّيْبانيُّ ، قَتَلَه عاصِمُ بنُ خَليفَةَ الضَّبِّيُّ ، وفيه يقولُ عَنَمةُ ابنُ عبدِ اللهِ (٨) الضَّبِّيُّ يَرْثِيه :
لأُمِّ الأَرْضِ وَيْلٌ ما أَجَنَّتْ |
|
بحيثُ أَضَرَّ بالحَسَنِ السَّبيلُ (٩) |
وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي لجريرٍ :
أَبَتْ عَيْناكَ بالحَسَنِ الرُّقادا |
|
وأَنْكَرْتَ الأَصادِقَ والبِلادَا (١٠) |
وفي حدِيْثٍ أَبي رَجاءَ العُطارِدِيِّ : وقيلَ له ما تَذْكُرُ؟
قالَ : أَذْكُرُ مَقْتَل بِسْطامِ بنِ قَيْسٍ على الحَسَنِ ؛ وكانَ أَبو رَجاءٍ قد عُمِّر مِائَةً وثمانِي (١١) وعشْرِيْنَ سَنَةً ؛ فإذا
__________________
(١) النساء ، الآية ٧٨.
(٢) النساء ، الآية ٧٩.
(٣) هود ، الآية ١١٤.
(٤) يوسف ، الآية ٣٦ وفيها : (إِنّا نَراكَ).
(٥) في المفردات : على الغير.
(٦) في الأساس : «هند».
(٧) في الصحاح المطبوع : حبلان ، بالحاء المهملة.
(٨) في اللسان ومعجم البلدان : «الحسنان» : عبد الله بن عَنَمَة.
(٩) اللسان والصحاح ومعجم البلدان : «الحسنان» والمقاييس ٢ / ٥٨ والتهذيب.
(١٠) اللسان.
(١١) في اللسان : وثمانياً.