أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) (١) ؛ ج الأَحاسِنُ. وأَحاسِنُ القَوْمِ حِسانُهُم ؛ وفي الحدِيْث : «أَحاسِنُكم أَخْلاقاً المُوَطَّؤُون أَكْنافاً».
والحُسْنَى ، بالضَّمِّ : ضِدُّ السُّوأَى.
قالَ الرَّاغِبُ : والفَرْقُ بَيْنها وبينَ الحُسْنِ والحَسَنَةِ أَنَّ الحُسْنَ يقالُ في الأَحْداثِ والأَعْيانِ ، وكَذلِكَ الحَسَنَةُ إذا كانَتْ وَصْفاً وإنْ كانتْ اسْماً فمُتَعارفٌ في الأَحْداثِ ، والحُسْنَى لا تُقالُ إلَّا في الأَحداثِ دوْنَ الأَعْيانِ.
والحُسْنَى : العاقِبَةُ الحَسَنَةُ ، وبه فُسِّرَ قَوْله تعالَى : وإنَّ له عنْدَنا للحُسْنَى (٢).
وقيلَ : الحُسْنَى النَّظَرُ إلى اللهِ ، عزَّ وجَلَّ.
* قُلْت : الذي جاءَ في تفْسِيرِ قوْلِه تعالَى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) (٣) ؛ إنَّ الحُسْنَى الجَنَّةُ ، والزِّيادَة النَّظَرُ إلى وَجْهِ اللهِ تعالَى.
وقالَ ثَعْلَب : الحُسْنَيان المَوْتُ والغَلَبَةُ ، يعْنِي الظَّفَرُ والشَّهادَة ؛ ومنه قوْلُه تعالَى : (هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا) إِلّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ (٤). قالَ : وأَنَّثَهُما لأَنَّه أَرادَ الخَصْلَتَيْن ؛ ج الحُسْنَياتُ والحُسَنُ ، كصُرَدٍ لا يَسْقُطُ منهما الأَلِفُ واللامُ لأَنَّها مُعاقبةٌ.
والمَحاسِنُ : المَواضِعُ الحَسَنَةُ مِن البَدَنِ ؛ يُقالُ : فلانَةٌ كَثيرَةُ المَحاسِنِ.
قالَ الأَزْهرِيُّ : لا تكادُ العَرَبُ توحِّدُ المَحاسِن.
وقالَ بعضُهم : الواحِدُ مَحْسَنٌ ، كمَقْعَدٍ.
وقالَ ابنُ سِيْدَه : وليسَ هذا بالقَويِّ ولا بذلِكَ المَعْروف ، أَو لا واحِدَ له ، وهذا هو المَعْروفُ عنْدَ النَّحويِّين وجُمْهور اللّغَويِّين ، ولذلِكَ قالَ سِيْبَوَيْه : إذا نسبْتَ إلى مَحاسِنَ قُلْت مَحاسِنيّ ، فلو كانَ له واحِدٌ لرَدَّه إليه في النَّسَبِ ، وإنَّما يُقالُ إنَّ واحِدَه حَسَنٌ على المُسامَحةِ.
ووَجْهٌ مُحَسَّنٌ ، كمُعَظَّم : حَسَنٌ ، وقد حَسَّنَهُ اللهُ تَحْسِيناً ، ليسَ مِن بابِ مُدَرْهَم ومفؤود كما ذَهَبَ إليه بعضُهم فيمَا ذُكِرَ.
والإحْسانُ : ضِدُّ الإساءَةِ. والفَرْقُ بَيْنه وبَينَ الإنْعامِ أَنَّ الإحْسانَ يكونُ لنفْسِ الإنْسانِ وغيرِهِ ، والإنْعامَ لا يكونُ إلَّا لغيرِهِ.
وقالَ الرَّاغِبُ في قَوْلِه تعالَى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) (٥) إنَّ الإحْسانَ فوْقَ العَدْلِ ، وذلِكَ أَنَّ العَدْلَ بأَنْ يُعْطِيَ ما عليه ويأْخُذَ ما لَهُ ، والإحْسانَ أَنْ يُعْطيَ أَكْثَرَ ممَّا عليه ويأْخذَ أَقَلّ ممَّا لَهُ ، فالإحْسانُ زائِدٌ على العَدْلِ فتحري العَدْلَ واجِب وتَحري الإحْسان نَدْبٌ وتَطَوّعٌ ، وعلى ذلِكَ قَوْله تعالَى : (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) (٦) ، وقَوْله تعالَى : (وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) (٧) ، ولذلِكَ عَظَّم اللهُ ، سُبْحانه وتعالَى ، ثَوابَ المُحْسِنِيْن ، ا ه.
وفي حدِيْث سُؤَال جِبْريل ، عليهالسلام : «ما الإيْمانُ وما الإحْسانُ» ، أَرادَ بالإحْسان الإخْلاصَ ، وهو شَرْطٌ في صحَّةِ الإيْمانِ والإسْلام معاً. وقيلَ : أرادَ به الإشارَةَ إلى المُراقَبَةِ وحُسْنِ الطَّاعَةِ.
وقوْلُه تعالَى : (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ) (٨) ، أَي باسْتِقامَةٍ وسُلوكِ الطَّريقِ الذي دَرَجَ السابقُونَ عليه.
وقوْلُه تعالَى : (إِنّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (٩) ، أَي الذين يُحْسِنونَ التَّأْويلَ. ويقالُ : إنَّه كان يَنْصرُ الضَّعِيفَ ويُعِينُ المَظْلومَ ويَعُودُ المَرِيضَ ، فذلِكَ إحْسانه.
وهو مُحْسِنٌ ومِحْسانٌ ، الأَخيرَةُ عن سِيْبَوَيْه. ويقالُ :
__________________
(١) الزمر ، الآية ٢٣.
(٢) فصلت ، الآية ٥٠ وفيها : (إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى).
(٣) يونس ، الآية ٢٦.
(٤) التوبة ، الآية ٥٢.
(٥) النحل ، الآية ٩٠.
(٦) النساء ، الآية ١٢٥.
(٧) البقرة ، الآية ١٧٨.
(٨) التوبة ، الآية ١٠٠.
(٩) يوسف ، الآيتين ٣٦ و٧٨.