أنَّه ابنُ حَبْناءَ بنُ عَمْرِو بنِ رَبيعَةَ (١) بنِ حَنْظَلَةَ بنِ مالِكِ ابنِ زيْدِ مَنَاةَ بنِ تَمِيمٍ ، وحَبْناءُ لَقَبٌ غَلَبَ على أَبيهِ واسْمُه جبيرُ بنُ عَمْرٍو ، ولُقِّبَ بذلِكَ لحَبَنٍ كان أَصابَه ، وهو شاعِرٌ إسلاميٌّ مِن شُعَراءِ الدَّوْلةِ الأُمويَّةِ ، وأَبوهُ حَبْناءُ شاعِرٌ أَيْضاً ، وأَخُوه صَخْرُ بنُ حَبْناء شاعِرٌ أَيْضاً ، وكان يُهاجِيه ولهما قَصائِدُ تَناقَضَا بها كَثيراً ، وأَمَّا أُمُّهم فهي لَيْلى لقَوْلِه يعنِّفُ أَخَاهُ صَخْراً :
أَلا مَنْ مُبْلِغٌ صخْرَ بنَ لَيْلى |
|
بأَنِّي قد أَتانِي مِن ثناكا (٢) |
في أَبياتٍ.
فأَجابَهُ صَخْر بقوْلِه :
أَتاني عن مُغِيرَة زَوْرُ قوْلٍ |
|
تَعمَّدَه فقُلْت له كَذاكَا (٣) |
يعمُّ به بَني لَيْلى جَمِيعاً |
|
فولِّ هِجاءَهم رَجُلاً سِواكا |
وقالَ أَبو أسيل البَصْريُّ (٤) : كان المُغِيرةُ أَبْرصَ وأَخُوه صَخْرٌ أَعْورَ والآخَرُ مَجْذوماً ، وكان بأَبيهِ لا حِبْنٌ فلُقِّبَ حَبْناءُ واسْمُه جبيرُ بنُ عَمْرٍو ؛ وقالَ زيادٌ الأَعْجَمُ يَهْجوهم :
إنَّ حَبْناءَ كان يُدْعى جُبيراً |
|
فدَعَوه من حبْنه حَبْناءَ (٥) |
وَلَدَ العُورَ منه والجَذم والبُرْ |
|
صَ وذو الدَّاء يُنتَج الأَدواءَ (٦) |
فلمَّا بَلَغَ حَبْناء هذا قالَ : ما ذنْبُنا فيمَا ذَكَرَه ، هذا هو داءٌ ابْتَلانا اللهُ ، عزوجل ، به ، وإنَّما يعيَّرُ المَرْءُ بما كسِبَهُ ، وإنِّي لأَرْجُو أَنْ يَجْمعَ اللهُ هذه الأَدْواءَ كلَّها فيه ، فبَلَغَ ذلك زِياداً فلم يهْجه بعْدَ ذلِكَ ، ولا أَجابَهُ بشيءٍ. وقالَ الأَصْمَعيُّ : لم يَقُل أَحدٌ في تَفْضيلِ أَخٍ على أَخِيهِ وهُما لأَبٍ وأُمِّ مثْلَ قَوْلِ المُغِيرَةِ بنِ حَبْناء لأَخِيهِ صَخْر :
أبُوكَ أَبي وأَنتَ أَخِي ولكِنْ |
|
تبايَنَتِ الصَّنائعُ والظُّروفُ |
وأمُّكَ حينَ تُنْسَبُ أمُّ صدْقٍ |
|
ولكنَّ حلها طَبِع سَخِيفُ (٧) |
قالَ : وكانَ عبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوانَ إذا نَظَرَ إلى أَخيهِ مُعاوِيَةَ وكانَ ضَعِيفاً يتَمثَّلُ بهذيْن البَيْتينِ ؛ فظَهَرَ لكَ بما ذَكَرْنا أنَّ حَبْناءَ أَبُوهُ لا أُمّهُ ، وقد غَلِطَ المصنِّفُ ، رَحِمَه اللهُ تعالَى.
والحَبْناءُ من الحَمامِ : التي لا تَبِيضُ ، ج حُبْنٌ ، بالضَّمِّ.
والحَبْناءُ : القَدَمُ الكثيرَةُ لَحْمِ البَخْصةِ حتى كأَنَّها وَرِمةٌ.
وحُبَيْنَةُ ، كجُهَيْنَةَ ؛ وأُمُّ حُبَيْنٍ ، كزُبَيْرٍ ، نَقَلَهُما الجَوْهرِيُّ : دُوَيْبَّةٌ م مَعْروفَةٌ.
وفي الصِّحاحِ : وهي مَعْرِفة مِثْل ابنِ عِرْسٍ وأُسامَة وابنِ آوَى وسامِّ أَبْرَصَ وابن قِتْرَةَ إلّا أنَّه تَعْريفُ جنْسٍ ، وهي على خِلْقةِ الحِرْباءِ عَرِيضةُ الصَّدْرِ عَظِيمَةُ البَطْنِ.
وقيلَ : هي أُنْثى الحِرْباء.
وقيلَ : هي دابَّةٌ على قدْرِ كَفِّ الإنْسانِ.
وقالَ ابنُ زِيادٍ : هي دابَّةٌ غَبْراءُ لها قَوائِمُ أَرْبَعٌ ، وهي بقدْرِ الضِّفْدَعَةِ التي ليْسَتْ بضَخْمةٍ ، فإذا طَرَدَها الصِّبْيانُ قالوا لها :
أُمَّ الحُبَيْنِ انْشُرِي بُرْدَيْكِ |
|
إنَّ الأَميرَ ناظرٌ إليكِ (٨) |
__________________
(١) انظر عامود نسبه في الأغاني ١٣ / ٨٤.
(٢) في الأغاني ١٣ / ٩٧ : «نثاكا» والنثا : الأخبار ، وهو ما أخبرت به عن الرجل من حسن أو سيء.
(٣) في الأغاني : «ذرو قول» وبهامشها عن إحدى النسخ : زور قول.
(٤) في الأغاني : أبو الشّبل النضري.
(٥) في الأغاني ١٣ / ٩٩ : من لؤمه حبناء.
(٦) في الأغاني : والبرص والجذمى.
(٧) الأغاني ١٣ / ١٠٠ وفيها : «الطبائع» بدل : «الصنائع» و «ابنها» بدل : «حلها».
(٨) اللسان وفي رواية : «وألح عليك» وبعدهما :
وموجع بسوطه جنبيك
ورواية التهذيب :