أَرْوَى بجِنِّ العَهْدِ سَلْمَى ولا |
|
يُنْصِبْكَ عَهْدُ المَلِقِ الحُوَّلِ (١) |
يُريدُ الغيثَ الذي ذَكَرَه قَبْل هذا البَيْت ، يقولُ : سَقَى هذا الغَيْثُ سَلْمى بحِدْثانِ نُزولِه مِن السَّحابِ قَبْل تغيُّرِه ، ثم نَهَى نفْسَه أَن يُنْصِبَه حُبُّ مَن هو مَلِقٌ ، كما في الصِّحاحِ ؛ وأمَّا قَوْلُ الشاعِرِ :
لا يَنْفُخُ التَّقْريبُ منه الأَبْهَرا |
|
إذا عَرَتْه جِنّةٌ وأَبْطَرا (٢) |
فيَجوزُ أَنْ يكونَ جُنونَ مَرَحِه ، وقد يكونُ الجِنُّ هذا النَّوع المُسْتَتِر مِن العالمِ.
ومِن المجازِ : الجنُّ من النَّبْتِ : زَهْرُهُ ونَوْرُهُ.
وقد جُنَّتِ الأَرْضُ ، بالضَّمِّ ، وتَجَنَّنَتْ جُنوناً : أَخْرَجَتْ زَهْرَها ونَوْرَها.
وقالَ الفرَّاءُ : جُنَّتِ الأرضُ : جاءَتْ بشيءٍ مُعْجِبٍ مِن النَّبْتِ.
وفي الصِّحاحِ : جُنَّ النَّبْتُ جُنوناً : طالَ والْتَفَّ وخَرَجَ زَهْرُهُ.
وفي المُحْكَم : جُنَّ النَّبْتُ : غَلُظَ واكْتَمل (٣) ؛ وقالَ بعضُ الهُذَليِّين :
أَلَمَّا يَسْلم الجِيرانُ منهم |
|
وقد جُنَّ العِضاهُ مِن العَمِيمِ (٤) |
ومِن المجازِ : نَخْلَةٌ مَجْنونَةٌ : أَي سحوقٌ طَويلَةٌ ، والجَمْعُ المَجانِينُ ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ :
تَنْفُضُ ما في السُّحُقِ المَجانِينْ (٥)
وقالَ ابنُ الأَعْرابيِّ : يقالُ للنَّخْلِ المُرْتفعِ طُولاً : مَجْنونٌ ، وللنَّبْتِ المُلَتَفّ الذي تأزَّرَ بعضُه مَجْنونٌ ، وقيلَ : هو المُلْتفُّ الكَثِيفُ منه.
والجَنَّةُ : الحَديقَةُ ذاتُ النَّخْلِ والشَّجَرِ.
قالَ أَبو عليِّ في التّذْكرةِ : لا تكونُ في كَلامِهم جَنَّةٌ إلَّا وفيها نَخْلٌ وعِنَبٌ ، فإنْ لم يكونا فيها وكانتْ ذاتَ شَجَرٍ فحَدِيقَةٌ لا جَنَّةٌ.
وفي الصِّحاحِ : الجَنَّةُ : البُسْتانُ ، ومنه الجَنَّاتُ ، والعَرَبُ تسمِّي النَّخِيلَ جَنَّةً ؛ وقالَ زُهَيْرٌ :
كأَنَّ عينيَّ في غَرْبَيْ مُقَتَّلةٍ |
|
مِن النَّواضِح تَسْقي جَنَّةً سُحُقا (٦) |
وفي المُفْردات للرَّاغبِ : الجَنَّةُ كُلُّ بُسْتانٍ ذي شَجَرٍ تَسْتَتِرُ بأَشْجارِه الأرضُ ، قيلَ : وقد تُسمَّى الأَشْجارُ الساتِرَةُ جَنَّة ، ومنه قَوْلُه :
تَسْقي جَنَّةً سُحُقاً
وسُمِّي (٧) بالجَنَّة إمَّا تَشْبيهاً بالجنَّةِ التي في الأَرضِ وإنْ كانَ بَيْنهما بونٌ ، وإمَّا لسَتْرِه عَنَّا نِعَمَه المُشار إليها بقوْلِه تعالَى : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) (٨).
ج جِنانٌ ، ككِتابٍ ، وجَنَّات ، ويقالُ أَجِنَّة أَيْضاً نَقَلَه شيْخُنا مِن النوادِرِ وقالَ : هو غَريبٌ.
وقالَ ابنُ عبَّاس ، رضِيَ اللهُ تعالَى عنهما : إنَّما قالَ جَنَّات بلَفْظِ الجَمْعِ لكَوْن الجِنَان سَبْعاً : جَنَّةُ الفرْدَوْسِ ،
__________________
(١) ديوان الهذليين ٢ / ١٠ واللسان والصحاح.
(٢) اللسان وفيه : «جنُّه».
(٣) في اللسان : واكتهل.
(٤) البيت في شرح أشعار الهذليين ١ / ٣٦٤ في شعر أبي جندب الهذلي ، قال الأصمعي : وتروى لأبي ذؤيب. برواية : «منكم» وهو في اللسان والتهذيب وفيهما : «وقال الهذلي».
(٥) اللسان ، وفي الصحاح : «تحدر» وفي الأساس :
تحتَ تمر السحق المجانين
وقبله :
يا رب أرسل خارف المساكين |
|
عجاجة ساطعة العثانين |
في الصحاح : «مسبلة» ، وفي الأساس : «رافعة» بدل : «ساطعة».
(٦) ديوانه ط بيروت ص ٤٠ واللسان والصحاح وعجزه في المفردات للراغب.
(٧) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وسمي الخ كذا في النسخ وحرره من المفردات» وعبارة المفردات : وسميت الجنة إما ...
(٨) السجدة ، الآية ١٧.