الشَّواذِّ المَعْدودَةِ كأَحَبَّه اللهُ فهو مَحْبوبٌ ، وذلك أنَّهم يَقولونَ جُنَّ ، فبُني المَفْعولُ مِن أَجَنَّه اللهُ على غيرِ (١) هذا.
والمَجَنَّةُ : الأَرضُ الكَثيرَةُ الجِنِّ.
وفي الصِّحاحِ : أَرضٌ مَجَنَّةٌ : ذاتُ جِنِّ.
ومَجَنَّةً : ع قُرْبَ مكَّةَ على أَمْيالٍ منها ؛ وقد تُكْسَرُ مِيمُها ، كذا في النِّهايَةِ ، والفتْحُ أَكْثَر ؛ قالَ الجَوْهرِيُّ : وكان بِلالٌ ، رضِيَ اللهُ تعالَى عنه ، يتمثَّلُ بقوْلِ الشاعِرِ :
وهل أَرِدَنْ يوماً مِياهَ مَجَنَّةٍ |
|
وهل يَبْدُوَنْ لي شامةٌ وطَفيلُ؟ (٢) |
وقالَ ابنُ عبَّاس ، رضِيَ اللهُ تعالَى عنهما : كانت مَجَنَّةٌ وذو المجازِ وعُكاظ أَسْواقاً في الجاهِليَّةِ ؛ وقالَ أَبو ذُؤَيْبٍ :
فوافَى بها عُسْفانَ ثم أَتى بها |
|
مِجَنَّةَ تَصْفُو في القِلالِ ولا تَغْلي (٣) |
قالَ ابنُ جنيِّ : يَحْتَمِل كَوْنها مَفْعَلة مِن الجُنونِ كأَنَّها سُمِّيَت بذلِكَ لشيءٍ يتَّصِل بالجِنِّ أَو بالجَنَّةِ ، أَعْني البُسْتانَ أَو ما هذه سَبِيلُه ؛ وكَوْنها فَعَلَّةً مِن مَجَنَ يَمْجُن كأَنَّها سُمِّيت لأَنَّ ضَرْباً مِن المُجونِ كان بها ، هذا ما توجبُه صنْعةُ عِلْمِ العَرَبِ.
قالَ : فأَمَّا لأَيِّ الأَمْرَيْنِ وقَعتِ التَّسْمية فذاكَ أَمْرٌ طَريقُه الخَبَر.
والمَجَنَّةُ : الجُنونُ ؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ.
والجانُّ : أبو الجِنِّ ، والجَمْعُ جِنّانٌ مِثْل حائِطٍ وحِيطانٍ ؛ كذا في الصِّحاحِ.
* قُلْت : وهو قَوْلُ الحَسَنِ كما أَنَّ آدَمَ أَبو البَشَرِ كما في قَوْلِه تعالَى : (وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ) (٤).
وفي التهْذِيبِ : الجانُّ مِن الجِنِّ ، قالَهُ أَبو عَمْرٍو ، أو الجَمْعُ جِنَّانٌ.
وفي المُحْكَم : الجانُّ اسْمُ جَمْعٍ للجِنِّ ، كالجامِلِ والباقِرِ ؛ ومنه قَوْلُه تعالَى : (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ) (٥) وقَرَأَ عَمْرُو بنُ عبيدٍ : لا يُسْأل عن ذَنْبِه إنْسٌ ولا جَأنٌّ (٦) ، بتَحْريكِ الألِفِ وقَلْبِها هَمْزةً ، وهذا على قِراءَةِ أيّوب السَّخْتِيانيّ ولا الضَّألِّين ؛ وعلى ما حَكَاه أَبو زَيْدٍ عن ابنِ (٧) الأصْبَغِ وغيرِهِ : شَأَبَّة ومَأَدَّة ، على ما قالَهُ ابنُ جنِّي في كتابِ المحتسبِ.
قالَ الزَّجَّاجُ ، رَحِمَه اللهُ تعالَى : ويُرْوَى أَنَّ خَلْقاً يقالُ لهم الجانُّ كانوا في الأَرضِ فأَفْسَدوا فيها وسَفَكوا الدِّماءَ فبَعَثَ اللهُ تعالَى ملائِكَةً أَجْلَتْهم مِن الأَرْضِ ، وقيلَ : إنَّ هؤلاء المَلائِكةَ صارُوا سُكَّانَ الأَرضِ بعْدَهم فقالوا : يا رَبَّنا (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها).
وقَوْلُه تعالَى : (كَأَنَّها جَانٌّ) (٨). قالَ اللّيْثُ : حَيَّةٌ بَيْضاءُ.
وقالَ أَبو عَمْرٍو : الجانُّ حَيَّةٌ ، وجَمْعُها جَوانُّ.
وقالَ الزَّجَّاجُ : يَعْني أَنَّ العَصا تحرَّكَتْ حَرَكَةً خَفِيفَةً وكانَتْ في صورَةِ ثُعْبانٍ ، وهو العَظيمُ مِن الحيَّاتِ.
وفي المُحْكَم : الجانُّ ضَرْبٌ مِن الحيَّاتِ أَكْحَلُ العَيْنِ يَضْرِب إلى الصُّفْرةِ لا تُؤذِي ، وهي كَثيرَةٌ في الُّدورِ ، والجَمْعُ جِنَّانٌ ؛ قالَ الخَطَفَي جَدُّ جَريرٍ يَصِفُ إبلاً :
أعْناقَ جِنَّانٍ وهاماً رُجَّفا |
|
وعَنَقاً بعدَ الرَّسِيم خَيْطَفا (٩) |
والجِنُّ ، بالكسْرِ : خِلافُ الإنْسِ ، والواحِدُ جِنِّيُّ ،
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : على غير هذا أي على غير أجنة ، وعبارة اللسان : على هذا أي على مفعول».
(٢) اللسان ومعجم البلدان : «مجنة».
(٣) ديوان الهذليين ١ / ٤٠ واللسان ومعجم البلدان : «مجنة».
(٤) الحجر ، الآية ٢٧.
(٥) الرحمن ، الآية ٧٤.
(٦) الرحمن ، الآية ٣٩.
(٧) في اللسان : أبي الأصبغ.
(٨) النمل ، الآية ١٠ ، والقصص ، الآية ٣١.
(٩) اللسان.