* قُلْت : وهو قَوْلُ سِيْبَوَيْه ؛ قيلَ : للتَّنوريّ ، رَحِمَه اللهُ تعالَى : قد أُخْطَأَ صاحِبُكم ، أَي سِيْبَوَيْه ، في أصالَةِ مِيمِ مِجَنّ وهل هو إلَّا مِن الجَنَّةِ؟ فقالَ : ليسَ هو بخَطَأ ، العَرَبُ تقولُ : مَجَنَ الشيءُ أَي عطبَ.
قالَ شيْخُنا ، رَحِمَه اللهُ تعالَى : وهو وإنَ كانَ وَجْهاً لكن يُعارِضُه أُمورٌ منها كَسْرُ المِيمِ وهو مَعْروفٌ في الآلةِ والزِّيادَةِ فيها ظاهِرَة وتَشْدِيد النُّونِ ، ومِثْله قَلِيل ، ووُرُود ما يُرادِفُه كجنان وجنانة ونحْو ذلِكَ وقد يُتَكَلَّف الجَواب عنها ، فليتأمَّل.
ومِن المجازِ : قَلَبَ فلانٌ مِجَنَّهُ أَي أَسْقَطَ الحياءَ وفَعَلَ ما شاءَ ، أَو مَلَكَ أَمْرَهُ واسْتَبَدَّ به ؛ قالَ الفَرَزْدَقُ :
كيف تراني قالِباً مِجَنِّي؟ |
|
أَقْلِبُ أَمْرِي ظَهْرَه للبَطْنِ (١) |
والجُنَّةُ ، بالضَّمِّ : الدُّروعُ وكلُّ ما وَقَى مِن السِّلاحِ.
وفي الصِّحاحِ : الجُنَّةُ ما اسْتَتَرْتَ به مِن السِّلاحِ ، والجَمْعُ الجُنَنُ.
والجُنَّةُ : خِرْقَةٌ تَلْبَسُها المرأَةُ تُغَطِّي من رأْسِها ما قَبَلَ ودَبَرَ غَيْرَ وسطِه ، وتُغَطِّي الوجْهَ وجَنْبَي الصَّدْرِ ؛ وفي المُحْكَم : وحَلْيَ الصَّدْرِ ، وفيه عَيْنانِ مَجُوبتانِ كالبُرقُعِ ، وفي المُحْكَم : كعَيْني البُرْقُعِ.
وجِنُّ النَّاسِ ، بالكسْرِ ، وجَنانُهُم ، بالفَتْحِ ؛ ذِكْرُ الفتْحِ مُسْتدركٌ ، مُعْظَمُهُمِ لأَنَّ الدَّاخِلَ فيهم يَسْتَتِرُ بهم ؛ واقْتَصَرَ الجَوْهرِيُّ على الأَخيرِ وقالَ : دَهْماؤُهم.
وأَنْشَدَ ابنُ سِيْدَه لابنِ أَحْمر :
جَنانُ المُسْلِمين أَوَدُّ مَسَّا |
|
ولو جاوَرْتَ أَسْلَمَ أَو غِفارا (٢) |
ونَصُّ الأَزْهرِيّ :
وإن لاقَيْتَ أَسْلَم أَو غفارا
وقالَ ابنُ الأَعْرابيّ : جَنانُهم أَي جَماعتُهم وسَوادُهم.
وقالَ أَبو عَمْرٍو : ما سَتَرَك مِن شيءٍ ، يقولُ : أكُونُ بينَ المُسْلمين خيرٌ لي ، وأَسْلَمُ وغفَارُ خيرُ الناسِ جِواراً.
والجِنِيُّ ، بالكسْرِ : نِسْبَةٌ إلى الجِنِّ الذي هو خِلافُ الإنسِ ، أَو إلى الجِنَّةِ الذي هو الجُنُونُ ؛ وقَوْله :
ويْحَكِ يا جِنِّيَّ هل بَدا لك |
|
أَن تَرْجَعِي عَقْلي فقد أَنَى لكِ؟ (٣) |
إنَّما أَرادَ امْرأَةً كالجِنِّيَّة إمَّا لجمالِها ، أَو في تلَوُّنِها وابْتِدالِها ، ولا تكونُ الجِنِّيَّة هنا مَنْسوبةً إلى الجِنِّ الذي هو خِلافُ الإنسِ حَقيقَةً ، لأَنَّ هذا الشاعِرَ المتغزِّلَ بها إنْسيٌّ ، والإنْسيُّ لا يَتعشَّقُ جِنِّيَّةً.
وعبدُ السَّلامِ بنُ عَمْرٍو ، كذا في النسخ والصَّوابُ ابنُ عُمَرَ ، البَصْرِيُّ الفَقِيهُ ، سَمِعَ مِن مالِكٍ وأَبي(٤) يوسُفَ ، رَحِمَهما اللهُ تعالَى راوية المفضِّل الضَّبِّي ، رَوَى عنه أبو عزيان (٥) السّلَمي ، الجِنِّيَّانِ رَوَيا الحَدِيْثَ والشِّعْرَ.
والجِنَّةُ ، بالكسْرِ : طائفَةٌ من الجِنِّ ؛ ومنه قَوْله تعالَى : (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ) (٦).
وجُنَّ الرَّجُلُ ، بالضَّمِّ ، جَنَّا وجُنوناً واسْتُجِنَّ ، مَبْنيَّانِ للمَفْعولِ ؛ قالَ مُلَيْحُ الهُذَليُّ :
فلم أَرَ مِثْلي يُسْتَجَنُّ صَبابةً |
|
من البَيْن أَو يَبْكي إلى غيرِ واصِلِ (٧) |
وتَجَنَّنَ وتَجانٌ ، وفي الصِّحاح : تَجَنَّنَ عليه وتَجانَنَ عليه وتَجانَّ : أَرَى من نفْسِه أَنَّه مَجْنونٌ وأَجَنَّه اللهُ ، فهو مَجْنونٌ ، ولا تَقُلْ مُجَنٌّ ، كما في الصِّحاحِ ، أي هو مِن
__________________
(١) اللسان.
(٢) اللسان والتهذيب.
(٣) اللسان.
(٤) في القاموس : «وأبو يوسف» ومثله في التبصير ١ / ٣٠٣ وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وأبي يوسف هكذا في نسخ الشارح وهو مغير لإعراب المتن».
(٥) في التبصير : «عُريان» وبهامشه عن نسخة : «عرفان» وعن نسخة أخرى : «غزوان».
(٦) هود ، الآية ١١٩.
(٧) شرح أشعار الهذليين ٣ / ١٠٢٥ برواية : «يُستحنّ» بالحاء المهملة ، والمثبت كرواية اللسان.