فيه ، وصَغيرٌ وهو الإنْسانُ لأَنَّه على هَيْئةِ العالَمِ الكَبيرِ وفيه كلُّ ما فيه.
قلْتُ : وإِليه أَشارَ القائِلُ :
أَتَحْسَب أَنَّكَ جرمٌ صَغيرٌ |
|
وِفيك انْطَوَى العالَم الأَكْبَر |
وقالَ شيْخُنا : سُمِّي الخَلْق عالماً لأنَّه عَلامَةٌ على الصَّانِعِ أَو تَغْلِيباً لذوِي العْلمِ ، وعلى كلٍّ هو مُشْتقٌّ مِن العلْمِ لا مِن العَلامَةِ وإن كانَ (١) لذوي العلْم فهو مِن العلْمِ ، والحقُّ أَنَّه مِن العلْمِ مُطْلقاً كما في العنايَةِ.
وقالَ بعضُ المفسِّرِين : العالَمُ ما يُعْلَم به غَلَبَ على ما يُعْلَم به الخالِقُ ثم على العُقَلاءِ مِن الثّقْلَيْن أَو الثّقَلَيْن أَو المَلِك والإنْس.
واخْتارَ السَّيِّدُ الشَّرِيف أَنَّه يُطْلَقُ على كلِّ جنْسٍ فهو للقدْرِ المُشْتَرك بينَ الأَجْناسِ فيُطْلَقُ على كلِّ جنْسٍ وعلى مَجْموعِها إلَّا أَنَّه مَوْضوعٌ للمَجْموعِ وإلَّا لم يجمَعْ ، اه.
قالَ الزَّجاجُّ : ولا واحِدَ للعالَمِ مِن لَفْظِه لأَنَّ عالَماً جَمْعُ أَشْياءٍ مُخْتَلِفَة ، فإنْ جُعِل عالَمٌ اسْماً لواحِدٍ منها صارَ جَمْعاً لأَشْياء مُتَّفقة والجَمْعُ عالَمُونَ.
قالَ ابنُ سِيْدَه : ولا يُجْمَعُ شيءٌ على فاعِلٍ (٢) بالواوِ والنونِ غَيْرُهُ ؛ زادَ غيرُهُ : وغَيْرُ ياسَمٍ واحِدُ اليَاسَمِيْن على ما سَيَأْتي.
وقيلَ : جَمْعُ العالَمِ الخَلْقِ العَوالِمُ.
وفي البَصائِرِ : وأَمَّا جَمْعُه فلأَنَّ كلَّ نَوْعٍ مِن هذه المَوْجوداتِ قد يُسَمَّى عالماً فيقالُ عالَمُ الإنْسانِ وِعالَمُ النارِ ، وقد رُوِي أَنَّ الله تعالَى بضعَةَ عَشَرَ أَلْف عالَمٍ ، وأَمَّا جَمْعُه جَمْعُ السَّلامَة فلكَوْن الناس في جمْلَتِهم وِقيلَ إنَّما جمعَ به هذا الجَمْع لأَنَّه عَنى به أَصْناف الخلائِقِ مِن المَلائِكَة والجِنِّ والإنْسِ دونَ غيْرِها ، رُوِي هذا عن ابنِ عبَّاسٍ. وقالَ جَعْفر الصادِقُ : عنى به الناس وجعل كلّ واحِدٍ منهم عالماً.
قلْتُ : الذي رُوِي عن ابنِ عبَّاسٍ في تفْسيرِ : (رَبِّ الْعالَمِينَ) ، أَي رَبِّ الجِنِّ والإِنْس.
وِقالَ قتادَةُ : رَبّ الخَلْقِ كُلّهم.
قالَ الأَزْهَرِيُّ : والدَّليلُ على صحَّةِ قوْلِ ابنِ عباسٍ قوْلُه ، عزوجل : (لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) (٣) وليسَ النبيُّ صلىاللهعليهوسلم ، نَذِيراً للبَهائِمِ ولا للمَلائِكَة وهُم كُلُّهم خَلْقُ اللهِ ، وإِنَّما بُعِثَ نَذِيراً للجِنِّ والإِنْسِ.
وقوْلُه : وقد رُوِي ، قلْتُ : هذا قد رُوِى عن وهبِ بنِ منَبِّه أَنّه ثمانِيةُ عَشَرَ أَلفَ عالَمٍ ، الدُّنْيا منها عالَمٌ واحِدٌ ، وما العُمْران في الخَرابِ إلَّا كفُسْطاطٍ في صَحْراء.
وِتَعالَمَهُ الجَمِيعُ : أَي عَلِمُوهُ ، نَقَلَه الجوْهَرِيُّ.
وِالأَيَّامُ المَعْلوماتُ : عَشْرٌ (٤) مِن ذي الحِجَّةِ آخِرُها يومُ النَّحْرِ ، وقد تَقَدَّمَ تَعْلِيله في المَعْدُودات.
وِالعُلامُ ، كغُرابٍ وزُنَّارٍ : الصَّقْرُ ، عن ابنِ الأَعْرابيِّ ، واقْتَصَرَ على التَّخْفِيفِ وبه فُسِّرَ قوْلُ زُهَيْرٍ فيمَنْ رَوَاه كذا :
حتى إذا ما رَوَتْ كَفُّ العُلامِ لها |
|
طارَتْ وفي كَفِّه من ريشِها بِتَكُ (٥) |
قالَ ابنُ جنيِّ : رُوِي عن أَبي بكْرٍ محمد بن الحَسَنِ عن أَبي الحُسَيْن أَحْمد بن سُلَيْمان المعبدي عن ابنِ أُخْت أَبي الوَزِير عن ابنِ الأَعْرابيِّ قالَ : العُلام هنا الصَّقْرُ ، قالَ : وهذا مِن طَريفِ الرِّوايَةِ وغَريبِ اللّغَةِ.
وِقيلَ : هو الباشِقُ ، حَكَاه كُراعٌ ، واقْتَصَرَ على التخْفِيفِ أَيْضاً.
وقالَ الأَزْهَرِيُّ : هو بالتَّشْديدِ ضَرْبٌ مِن الجَوارِحِ ؛ وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي للطَّائيّ :
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : قوله : وإن إلى آخره ، هكذا في النسخ ، وفي العبارة سقط ، ولعل الأصل فيه : وقيل إن كان لغير ذوي العلم فهو من العلامة وإن كان لذوي العلم إلى آخره فحرره».
(٢) في القاموس : فاعلٌ بالضم منونة ، والكسر ظاهر هنا.
(٣) اول سورة الفرقان.
(٤) في القاموس عشر بدون تنوين.
(٥) ديوانه ط بيروت ص ٥٠ وصدره برواية :
حتى إذا ما هوت كف الوليد لها
والمثبت كرواية اللسان.