وِالعَتَمَةُ ، محرَّكةً : ثُلُثُ اللَّيْلِ الأَوَّلُ بعد غَيْبوبَةِ الشَّفَقِ ، نَقَلَه الجَوْهِريُّ عن الخَلِيلِ.
أَو وَقْتُ صَلاةِ العشاءِ الآخِرَةِ ، سُمِّيَتْ بذلِكَ لاسْتِعْتامِ نَعَمِها ، وقيلَ : لتَأَخُّرِ وَقْتِها.
وِقد أَعْتَمَ الرجُلُ وِعَتَّمَ تَعْتِيماً : سار فيها ، بالسِّيْن ، أَو صار بالصَّادِ ، أَو أَوْرَدَ وأَصْدَرَ فيها ، وعَمِلَ أَي عَمَلٍ كان.
وفي الصِّحاحِ : يقالُ : أَعْتَمْنا مِن العَتَمَةِ كما يقالُ أَصْبَحنا مِن الصُّبْحِ.
وِعَتَّمنا تَعْتِيماً : سرْنا في ذلِكَ الوَقْتِ.
وفي الحدِيْثِ : «لا يَغْلِبَنَّكُم الأَعْرابُ على اسْمِ صَلاتِكم العِشاءِ فإِنَّ اسْمَها في كتابِ اللهِ العِشاءُ ، وإِنَّما يُعْتَمُ بحِلابِ الإِبِلِ» ، أَي لا تُسَمُّوا صَلاةَ العِشاءِ العَتَمَة كما يسمُّونَها (١) الأَعْرابُ ، كانوا يَحْلبُونَ إِبِلَهم إِذا أَعْتَموا ، ولكنْ سَمُّوها كما سَمَّاها اللهُ تعالَى ، وفيه النَّهْي عن الاقْتِدَاءِ بهم فيمَا يُحالِفُ السنَّةَ ، أَو أَرادَ لا يَغُرَّنَّكُم فعْلُهم هذا فتُؤَخِّروا صَلاتَكُم ولكنْ صَلُّوها إِذا حانَ وَقْتُها.
وِالعَتَمَةُ أَيْضاً : بَقِيَّةُ اللَّبَنِ تُفيقُ بها النَّعَمُ تلك السَّاعَةَ ، نَقَلَه الجَوْهريُّ وابنُ سِيْدَه. يقالُ : حَلَبْنا عَتَمَةً.
وفي حدِيْثِ أَبي ذَرٍّ : «واللِّقاحُ قد رُوِّحَتْ وحُلِبتْ عَتمَتُها» ، أَي حُلِبَتْ ما كانَتْ تُحْلَبُ وقْتَ العَتَمةِ ، وهم يسمُّونَ الحِلابَ عَتَمةً باسْمِ الوقْتِ.
ويقالُ : قَعَدَ عندَنا فلانٌ قَدْرَ عَتَمةِ الحَلائبِ ، أَي قَدْرَ احْتِباسِها للإِفاقَةِ.
وأَصْلُ العَتْمِ في كَلامِ العَرَبِ : المَكْثُ والاحْتِباسُ.
وِالعَتَمَةُ : ظُلُمَةُ اللّيْلِ ، وفي الصِّحاحِ : ظَلامُه.
وقالَ غيرُهُ : ظَلامُ أَوَّلِه عندَ سقُوطِ نُور الشَّفَق.
قلْتُ : والعامَّةُ يسكِّنُونَها.
وِالعَتَمَةُ : رُجوعُ الإِبِلِ من المَرْعَى بعدَ ما تُمْسِي ، نَقَلَه ابنُ سِيْدَه. وِفي الصِّحاحِ : وقيلَ : ما قَمْراءُ (٢) أَرْبَعٍ؟ فقالَ : عَتَمةُ رُبَعَ ، أَي قَدْرَ ما يَحْتَبِسُ في عشائِهِ.
قالَ أَبو زيْدٍ الأَنْصارِيُّ : العَرَبُ تقولُ للقَمَرِ إِذا كان ابن لَيْلَةٍ : عَتَمَةُ سُخَيْلة حَلَّ أَهْلُها برُمَيْلة أَي احْتِباسُه يَقْرُبُ ولا يَطولُ كسَخْلَةٍ تَرْضَعُ أُمَّها ، ثم تَعودُ قَرِيباً للرَّضاعِ ، وإِن كان القَمَرُ ابنَ لَيْلَتَيْن قيل له : حديثُ أَمَتَيْنِ بكَذِبٍ ومَيْنٍ ، وذلِكَ أَنَّ حَدِيثَهما لا يَطولُ لشُغْلِهما بمَهْنَةِ أَهْلِهما ، وإِذا كانَ ابنَ ثلاثٍ قيلَ : حدِيثُ فَتَياتٍ غيرِ مُؤْتَلِفاتٍ ، وإِذا كانَ ابنَ أَرْبَع قيلَ : عَتَمَةُ رُبَع غير جائِعٍ ولا مُرْضَع ، أَي احْتِباسُه قدْرُ فُواقِ هذا الرُّبَعِ ، أَو فُواقِ أُمِّه.
وقالَ ابنُ الأَعْرَابيِّ : عَتَمَةُ أُمِّ الرُّبَع ، وإِذا كانَ ابنَ خَمْسٍ قيلَ : حديثٌ وأُنْس ، ويقالُ : عَشاءُ خَلفاتٍ قُعْسٍ ، وإِذا كانَ ابنَ سِتّ قيلَ : سِرْ وبِتْ ، وإِذا كانَ ابنَ سَبْع قيلَ : دَلْجَةُ الضَّبُع ، وإِذا كانَ ابنَ ثَمان قيلَ : قَمَرٌ إِضْحِيانِ ، وإِذا كانَ ابنَ تِسْع قيلَ : يُلْقَطُ فيه الجِزْعُ ، وإِذا كانَ ابنَ عَشْر قيلَ : مُخْتنقُ (٣) الفَجْر.
وِعَتَّمَ الطَّائِرُ تَعْتيماً : رَفْرَفَ على رأْسِ الإِنْسانِ ولم يُبْعد ، وهو بالغَيْنِ والياءِ أَعْلَى.
وِيقالُ : حَمَلَ عليه فَما عَتَّمَ وما عَتَّبَ ، أَي ما نَكَصَ وما نَكَلَ وما أَبْطَأَ في ضرْبِه إِيَّاه ، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي :
فَمَرَّ نَضِيُّ السَّهْمِ تحتَ لَبانِه |
|
وِجالَ على وَحْشِيِّه لم يُعَتِّمِ (٤) |
وقالَ الجَوْهرِيُّ : فما عَتَّم أَي فما احْتَبَس في ضرْبِه ، والعامَّةُ تقولُ : ضَرَبَهُ فما عَتَّبَ.
وِما عَتَّمَ أَنْ فَعَلَ كذا ، أَي ما لَبِثَ وما أَبْطَأَ ، نَقَلَه الجَوْهرِيُّ. وفي حدِيْث سَلْمان ، رضِيَ اللهُ تعالَى عنه : «فما عَتَّمَتْ منها وَدِيَّةٌ» أَي ما لَبِثَتْ أَنْ عَلِقَتْ.
وِالنُّجومُ العاتِماتُ : هي التي تُظْلِمُ من غبْرَةٍ في الهَواءِ ، وذلِكَ في الجَدْبِ لأَنَّ نُجومَ الشِّتاءِ أَشدُّ إِضاءَةً لنَقاءِ السَّماءِ ، وبه فُسِّر قولُ الأَعْشَى :
__________________
(١) كذا ، وفي اللسان «سمّاها».
(٢) على هامش القاموس عن إحدى النسخ : «وقَمَرُ».
(٣) في اللسان والتهذيب : مُخَنِّقُ الفجر.
(٤) اللسان.