وِحَكَى ابنُ الأَعْرابيِّ : لَيْلٌ ظَلْماءُ.
قالَ ابنُ سِيْدَه : هو شاذٌ وَضَعَ اللَّيْل مَكانَ الليْلَةِ ، كما حُكِي ليلٌ قَمْراءُ أَي ليْلَةٌ.
وِقد أَظْلَمَ اللّيْلُ وِظَلِمَ ، كسَمِعَ ، بمعْنى ، الأَخيرَةُ عن الفرَّاءِ ، قالَ اللهُ تعالَى : (وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا) (١).
قالَ شيْخُنا : فهو لازِمٌ في اللُّغَتَيْن ، وبذلِكَ صَرَّحَ ابنُ مالِكٍ وغيرُهُ.
وفي الكشاف احْتِمالُ أَنَّه مُتَعدٍّ في قوْلِه تعالَى : (وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ) بدَليلِ قِراءَةِ يَزِيد بنِ قطيبٍ : أُظْلَمَ مَجْهولاً ، وتَبِعَه البَيْضاوِيُّ.
وفي نهر أَبي حَيَّان المَحْفوظ أَنَّ أَظْلَمَ لا يَتَعدَّى.
وجَعَلَه الزَّمَخْشريُّ مُتَعدِّياً بنَفْسِه.
قالَ شيْخُنا : ولم يَتَعرَّض ابنُ جنيِّ لتلكَ القِراءَةِ الشاذّةِ ، وجَزَمَ ابنُ الصَّلاح بوُرُودِه لازِماً ومُتَعدِّياً ، وكأَنَّهُ قَلَّد الزَّمَخْشريّ في ذَلِكَ ، وأَبو حَيَّان أَعْرَف باللّزومِ والتَّعَدي ، انتَهَى.
قلْتُ : وهذا الذي جَزَمَ به ابنُ الصَّلاح فقد صَرَّحَ به الأَزْهرِيُّ في التهْذِيبِ وسَيَأْتي لذلِكَ ذِكْرٌ.
وِمِن المجازِ : يَوْمٌ مُظْلِمٌ ، كمُحْسِنٍ ، أَي كثيرٌ شَرُّه ، أَنْشَدَ سِيْبَوَيْه :
فأُقْسِمُ أَنْ لوِ الْتَقَيْنا وأَنْتمُ |
|
لكانَ لكُم يومٌ من الشَّرِّ مُظْلِمٌ (٢) |
وِمِن المجازِ : أَمْرٌ مُظْلِمٌ وِمِظْلامٌ ، الأُوْلى عن أَبي زيْدٍ ، والأَخيرَةُ عن اللَّحْيانيّ ، أي لا يُدْرَى من أَيْنَ يُؤْتَى له ، وأَنْشَدَ اللَّحْيانيُّ :
أُولِمْتَ يا خِنَّوْتُ شَرَّ إِيلام |
|
في يومِ نَحْسٍ ذي عَجاجٍ مِظْلام (٣) |
والعَرَبُ تقولُ لليومِ الذي تَلْقَى فيه الشدَّةَ يومٌ مُظلِمٌ ، حتى إِنَّهم يقُولُونَ يومٌ ذو كَواكِبَ ، أَي اشْتَدَّتْ ظُلْمته حتى صارَ كاللَّيْلِ ، قالَ :
بَني أَسَدٍ هل تَعْلَمونَ بَلاءَنا |
|
إِذا كان يومٌ ذو كواكِبَ أَشْهَبُ؟ |
وِمِن المجازِ : شَعَرٌ مُظْلِمٌ ، أَي حالِكٌ ، أَي شَديدُ السَّوادِ.
وِمِن المجازِ : نَبْتٌ مُظْلِمٌ ، أَي ناضِرٌ يَضْرِبُ إِلى السَّوادِ من خُضْرَتِه ، قالَ :
فصَبَّحَتْ أَرْعَلَ كالنِّقالِ |
|
وِمُظْلِماً ليسَ على دَمالِ (٤) |
وِأَظْلَموا. دَخَلوا في الظَّلامِ ، قالَ اللهُ تعالَى : (فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) (٥) ، كما في الصِّحاحِ ، وفي المُفْرداتِ : حصلوا في ظُلْمةٍ ، وبه فَسَّر الآيَةَ.
وِأَظْلَمَ الثَّغْرُ إذا تَلَأْلَأَ كالماءِ الرَّقيقِ مِن شدَّةِ رِقَّتِه ، ومنه قوْلُ الشاعِرِ :
إِذا ما اجْتَلى الرَّاني إِليها بطَرْفِه |
|
غُروبَ ثَناياها أَضاءَ وأَظْلَما (٦) |
يقالُ : أضاءَ الرجُلُ إِذا أَصابَ ضَوْءاً.
وِأَظْلَمَ الرَّجُلُ : أَصابَ ظَلْماً ، بالفتحِ.
وِمِن المجازِ : لَقِيتُه أَدْنَى ظَلَمٍ ، محرَّكةً ، كما في الصِّحاحِ ، أَو أَدْنَى ذي ظَلَمٍ (٧) ، وهذه عن ثَعْلَب : أَي أَوَّلَ كُلِّ شيءٍ.
وقالَ ثَعْلَب : أَوَّل شيءٍ سَدَّ بَصَرَك بليْلٍ أَو نهارٍ ، أَو حينَ اخْتَلَطَ الظَّلامُ ، أَو أدْنَى ظَلَمٍ : القُرْبُ أَو القَريبٌ ، الأَخيرُ نَقَلَه الجَوْهرِيُّ عن الْأُمويّ.
وِالظَّلَمُ ، محرَّكةً الشَّخْصُ ، قالَهُ ثَعْلَب وبه فَسَّر أَدْنَى ظلَمٍ وأَدْنَى شَبَحٍ قالَهُ الميدانيُّ.
وِأَيْضاً : الجَبَلُ ، ج ظُلُومٌ بالضمِّ جاءَ ذلِكَ في قوْلِ
__________________
(١) البقرة الآية ٢٠.
(٢) اللسان.
(٣) اللسان.
(٤) اللسان.
(٥) يس الآية ٣٧.
(٦) اللسان والتكملة والتهذيب.
(٧) على هامش القاموس عن إحدى نسخه : «أي».