وِأَنْعَمَ أَنْ يُحْسِنَ أَو يُسِيءَ ، أَي زادَ.
وِأَنْعَمَ في الأَمْرِ : بالَغَ ؛ قالَ :
سَمِين الضَّواحِي لم تُؤَرِّقْه لَيْلةً |
|
وِأَنْعَمَ أَبكارُ الهُمومِ وعُونُها (١) |
الضَّواحِي : ما بَدا مِن جَسَدِه ، وِأَنْعَمَ أَي وزادَ على هذه الصِّفةِ ، وأَبكارُ الهُمومِ : ما فجَأَكَ ، وعُونُها : ما كانَ هَمًّا بعدَ همٍّ.
وفَعَلَ كذا وكذا وِأَنْعَمَ : أَي زادَ.
وفي حدِيْث صَلاة الظُّهْر : «فأَبْردَ بالظُّهْرِ وِأَنْعَمَ» ، أَي أَطالَ الإِبْرادَ وأَخَرَّ الصَّلاة ؛ ومنه قَوْلهم : أَنْعَمَ النَّظرَ في الشيءِ إذا أَطالَ الفِكْرَةَ فيه.
قالَ شيْخُنا : وقيلَ : هو مَقْلوبُ أَمْعَنَ ؛ وقَوْل الشاعِرِ :
فوَرَدَتْ والشمسُ لمَّا تُنْعِمِ
أَي لمّا تُبَالغِ في الطُّلوعِ.
وِنِعْمَ وبِئْسَ : فِعْلان ماضِيَان لا يَتَصرَّفان تَصَرّف سائِرِ الأَفْعالِ لأَنَّهما اسْتُعْمِلا للحالِ بمعْنَى الماضِي ؛ فنِعْمَ مَدْحٌ ، وبِئْسَ ذَمٌّ ، وِفيهما أَرْبَعُ لُغاتٍ (٢) :
الأُوْلى : نَعِمَ (٣) كعَلِمَ ؛ ومنه قَوْل طَرَفَة :
ما أَقَلَّتْ قَدَمايَ إِنَّهُمُ |
|
نَعِمَ السَّاعون في الأَمْرِ المُبِرْ (٤) |
هكذا أَنْشَدوه كعَلِمَ جَاؤُوا به على الأَصْل ولم يكْثر اسْتِعْماله عليه.
وِالثَّانِيَة : (٥) بكَسْرَتَيْنِ ، بإِتَّباعِ الكَسْرةِ الكَسْرة. وِالثَّالِثَة : بالكسْرِ وسكونِ العَيْن بطَرْح الكَسْرَة الثانِيَة.
وِالرَّابعَة : بالفتحِ وسكونِ العَيْن بطَرْح الكَسْرَة مِن الثانِي وتَرْك الأَوَّل مَفْتوحاً.
ذَكَرَ الجَوْهرِيُّ هذه اللُّغات الأَرْبَعَة.
وفي الأَخيرَةِ حَكَى سِيْبَوَيْه أَنَّ مِن العَرَبِ مَنْ يقولُ : نَعْمَ الرَّجلُ في نِعْمَ ، كانَ أَصْله نَعِم ثم خفّفَ بإسْكانِ الكَسْرة.
وقالَ ابنُ الأَثيرِ : أَشْهَرُ اللُّغاتِ كَسْرُ النُّونِ مع سكونِ العَيْنِ ، ثم فَتْحُ النُّونِ وكَسْر العَيْن ، ثم كَسْرُهُما ، اه.
ولا يَدْخلُ عنْدَ سِيْبَوَيْه إلّا على ما فيه الأَلِف واللام مُظهَراً أَو مُضْمَراً ، كقَوْلِكَ : نِعْم الرَّجل زَيْد ، فهذا هو المُظْهَر ؛ وِنِعْمَ رجلاً زَيْدٌ ، فهذا هو المُضْمَر.
وقالَ الأَزْهرِيُّ : إذا كانَ مع نِعْم وبِئْس اسمُ جنْسٍ بغيرِ أَلفٍ ولامٍ فهو نصبٌ أَبداً ، وإِن كانتْ فيه الأَلفُ واللامُ فهو رفعٌ أَبداً ، وذلِكَ قَوْلك نِعْم رجلاً زيداً (٦) وِنِعْم الرجلُ زيدٌ ، ونَصَبْتَ رجُلاً على التَّمْيز ، ولا يَعْمَلانِ في اسمٍ عَلَمٍ ، وإنَّما يَعْمَلانِ في اسمٍ مَنْكورٍ دالٍّ على جنسٍ ، أَو اسْم فيه أَلفٌ ولامٌ تدلُّ على جِنْسٍ.
وفي الصِّحاحِ : وتقولُ : نِعْمَ الرجلُ زيدٌ وِنِعْم المرأَةُ هنْدٌ ، وإِن شئْتَ قلْتَ : نعِمْتِ المرأَةُ هندٌ ، فالرَّجلُ فاعِلُ نِعْمَ ، وزيدٌ يَرْتَفعُ مِن وَجْهَيْن : أَحَدُهما : أَنْ يكونَ مُبْتدأً قُدِّم عليه خبرُهُ ، والثاني : أَنْ يكونَ خبرَ مُبْتدأٍ مَحْذوفٍ (٧) ، وإذا قلْتَ : نِعْم رجُلاً ، فقد أَضْمَرْت في نِعْمَ الرَّجلَ بالأَلفِ واللامِ مَرْفوعاً وفسَّرْته بقوْلِكَ رجلاً ، لأنَّ فاعِلَ نِعْم وبِئْس لا يكونُ إلَّا مَعْرفة بالأَلفِ واللامِ أَو ما يُضافُ إلى ما فيه الأَلفُ واللامُ ، ويُرادُ به تَعْريفُ
__________________
(١) اللسان والتهذيب.
(٢) في القاموس : لغاتٌ بالرفع منونة.
(٣) قوله : «نَعِم» في القاموس ، وقد وضعها الشارح خارج الأقواس خطأ.
(٤) ديوانه ط بيروت ص ٥٨ وروايته :
خالتي والنفس قدماً أنهم |
|
نعم الساعون في القوم الشُّطُرْ |
والمثبت كرواية اللسان.
(٥) على هامش القاموس عن إحدى النسخ : نِعِمَ.
(٦) في التهذيب : زيدٌ.
(٧) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : محذوف وإذا قلت الخ سقط من عبارته جملة من الصحاح واللسان ونصها بعد قوله محذوف : وذلك أنك لما قلت نعم الرجل قيل لك من هو أو قدّرت أنه قيل لك ذلك فقلت : هو زيد ، وحذفت هو على عادة العرب في حذف المبتدأ والخبر إذا عرف المحذوف وهو زيد وإذا قلت الخ».