اللهَ لا يَنْعَمُ بأَحَدٍ عَيْناً ، ولكن قُل : أَنْعَمَ اللهُ بِكَ عَيْناً».
قالَ الزَّمَخْشرِيُّ : الذي مَنَع منه مُطرِّفٌ صَحِيحٌ فَصِيحٌ في كَلامِهم ، وعَيْناً نصبٌ على التَّمْييزِ مِن الكافِ ، والباء للتَّعْديَةِ ، والمعْنَى : نَعَّمَكَ اللهُ عَيْناً ، أَي نَعَّم عَيْنَك وأَقَرَّها ، وقد يَحْذفُونَ الجارَّ ويُوصِلونَ الفِعْلَ فيقُولونَ : نَعِمَك اللهُ عَيْناً (١) ، وما أَنْعَمَ اللهُ بِكَ عَيْناً ، فالباءُ فيه زائِدَةٌ لأنَّ الهَمْزةَ كافيةٌ في التَّعْدِيَةِ ، ويَجوزُ أَنْ يكونَ مِن أَنْعَمَ إذا دَخَلَ في النَّعِيم فيُعدَّى بالباءِ ، قالَ : ولعلَّ مُطرِّفاً خُيِّلَ إليه أَنَّ انْتِصابَ المميِّز في هذا الكَلامِ عن الفاعِلِ فاسْتَعْظَمه ، تعالَى اللهُ أَنْ يُوصَفَ بالحَواس علوَّا كَبيراً ، كما يقولونَ : نَعِمْتُ بهذا الأَمْرِ عَيْناً ، والباءُ للتَّعْدية ، فحَسِبَ أَنَّ الأَمْرَ في نَعِمَ اللهُ عَيْناً كَذلِكَ.
وِالعَرَبُ تقولُ : نَعْمُ عَيْنٍ وِنَعْمَةُ عَيْنٍ وِنَعامُ عَيْنٍ ، وهذه عن الحرمازِيِّ كما في النَّوادِرِ ، وِنَعيمُ عَيْنٍ ، بفَتْحِهِنَّ وِنُعْمَى عَيْنٍ وِنُعامَى عَيْنٍ وِنُعامُ عَيْنٍ وِنُعْمُ عَيْنٍ وِنُعْمَةُ عَيْنٍ ، بضمِّهِنَّ ، وِنِعْمَةُ عَيْنٍ وِنِعامُ عَيْنٍ ، بكسْرِهِما.
قالَ سِيْبَوَيْه : ويُنْصَبُ (٢) الكلُّ بإِضْمارِ الفِعْلِ المَتْروك إظْهارَه ، أَي أَفْعَلُ ذلِكَ إنْعاماً لعَيْنِكَ وإكْراماً لَكَ ، وما أَشْبَهَه.
وفي الصِّحاحِ : كَرامَةُ لَكَ وإِكْراماً لعَيْنِكَ وما أَشْبَهَه.
وفي الحَدِيْثِ : «إذا سَمِعْتَ قولاً حَسَناً فَرُوَيْداً بصاحِبِه ، فإن وافَقَ قولٌ عَمَلاً فنَعْمَ وِنُعْمةَ عينٍ آخِه وأَوْدِدْهُ» ، أَي قُلْ له : نَعْمَ وِنُعْمةَ عَيْنٍ أَي أُقِرُّ عينَكَ بطاعَتِك واتِّباعِ أَمْرَك ؛ وقالَ الفَرَزْدق :
وِكُومٍ تَنْعَمُ الأَضْياف عَيْناً |
|
وِتُصْبِحُ في مَبارِكِها ثِقالا (٣) |
أَي تَنْعَم الأَضْيافُ عَيْناً بِهنَّ لأَنَّهم يَشْربونَ مِن أَلْبانِها.
وقيلَ : إنَّ هذه الكُومَ تُسَرُّ بالأَضْيافِ كسُرورِ الأَضْيافِ بها. وقيلَ : إنَّما تأْنَسُ بهم لكَثْرةِ أَلْبانِها ، فهي لذلِكَ لا تَخافُ أَنْ تُعْقَر.
وحَكَى اللّحْيانيُّ : يا نُعْمَ عَيْني ، أَي يا قُرَّة عَيْني ؛ وأَنْشَدَ عن الكِسائيّ :
صَبَّحكَ اللهُ بخَيْرٍ باكرِ |
|
بنُعْمِ عينٍ وشَبابٍ فاخِرِ (٤) |
وِنَعِمَ العودُ ، كفَرِحَ ؛ اخْضَّر ونَضَرَ ؛ وأَنْشَدَ سِيْبَوَيْه :
وِاعْوَجَّ عُودُك من لَحْوٍ ومن قِدَمٍ |
|
لا يَنْعَمُ العُودُ حتى يَنْعَم الورَقُ (٥) |
وِالنَّعامَةُ : طائرٌ مَعْروفٌ أُنْثَى ، ويُذَكَّرُ.
قالَ الأَزْهرِيُّ : وجائِزٌ أَنْ يقالَ للذَّكَرِ نَعامَةٌ ، بالهاءِ.
وِاسمُ الجِنْسِ نَعامٌ ، كحَمامٍ وحَمامةٍ وجَرادٍ وجَرادةٍ ؛ وِقد يَقَعُ النَّعامُ على الواحِدِ ؛ قالَ أبو كَثْوة :
ولَّى نَعامُ بني صَفْوانَ زَوْزَأَةً |
|
لمَّا رأَى أَسَداً بالغابِ قد وَثَبا (٦) |
والعَرَبُ تقولُ : أَصَمُّ مِن نَعامةٍ ؛ وقد تَقَدِّمَ في «ظ ل م».
وأَمْوَقُ مِن نَعامةٍ وأَشْرَدُ مِن نَعامةٍ ، وأَجْبَنُ مِن نَعامةٍ ، وأَعْدى مِن نَعامةٍ.
وِالنَّعامَةُ : المَفَازَةُ ، كالنَّعامِ ، هكذا في سائِرِ النُّسخِ.
والذي في الصِّحاحِ : النَّعامُ وِالنَّعامَةُ : عَلَمٌ مِن أَعْلامِ المَفاوزِ يُهْتَدَى به ؛ قالَ أَبو ذُؤيْبٍ يَصِفُ طرقَ المَفازَة :
بِهنَّ نَعامٌ بَناها الرِّجا |
|
لُ تُلْقِي النَّفائضُ فيه السَّريحا (٧) |
ورَوَى غيرُ الجَوْهريّ عَجْزَه :
__________________
(١) في اللسان : وأمّا.
(٢) على هامش القاموس عن إحدى نسخه : وتَنْصِبُ.
(٣) ديوانه ط بيروت ٢ / ٦٩ واللسان.
(٤) اللسان والتهذيب.
(٥) اللسان وكتب مصححه بهامشه : قوله : من لحوٍ ، في المحكم من لحق ، واللحق : الضمر.
(٦) اللسان.
(٧) ديوان الهذليين ١ / ١٣٦ برواية : «تُبقي» واللسان والصحاح.