فيها ، أَو أَرادَ اسْتِدْراجَه بمَحْبوبٍ إلى أَلَمٍ أَو أَطْعَم غَيْرَه نَحْو سكرٍ أَو خَبيصٍ مَسْمومٍ ليهلَكَ فليسَ بنَعْمَةٍ.
وقالَ الرَّاغبُ : النّعْمَةُ ما قصدَ به الإِحْسان (١) والنَّفْع وبِناؤُها بِناءَ الحالَةِ التي يكونُ عليها الإِنْسان كالجِلْسَةِ.
وِجَمْعُها ، أَي النِّعْمَة ، ولذا لم يَشِر إليها بالجيمِ على عادَتِه ، نِعَمٌ ، بكسْرٍ ففتحٍ ، وِأَنْعُمٌ ، بضمِ العَيْن كشِدَّةٍ وأَشُدٍّ ، حَكَاهُ سِيْبَوَيْه.
وقالَ ابنُ جنيِّ : جاءَ ذلِكَ على حذْفِ التاءِ فصارَ كقَوْلهِم : ذِئْبٌ وأَذْؤُب ونِطْع وأَنْطُع ، ومثْله كَثيرٌ ، وقالَ النابِغَةُ :
فلن أَذْكُرَ النُّعْمان إِلَّا بصالحٍ |
|
فإنَّ له عنْدي يُدِيًّا وأَنْعُما (٢) |
وقُرِىءَ قوْلُه تعالَى : (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) (٣) ، نَقَلَها الفرَّاءُ عن ابنِ عبَّاس وهو وَجْه جَيِّد لأنَّه قالَ (شاكِراً لِأَنْعُمِهِ) ، فهذا جَمْعِ النِّعْم وهو دَليلٌ على أَنَّ نِعَمَهُ جائِزٌ ؛ ومَنْ قَرَأَ نِعْمَةً ، أَرادَ جَمِيعَ ما أَنْعَم به عليهم.
وِالتَّنَعُّمُ : التَّرَفُّهُ.
وقالَ الرَّاغبُ : هو تناولُ ما فيه نعْمةٌ وطِيبُ عَيْشٍ.
وِالاسْمُ : النَّعْمَةُ ، بالفتحِ.
قالَ الرَّاغبُ : بِناؤُها بِناءَ المرَّة مِن الفِعْل ، كالشَّتْمةِ والضَّرْبةِ ، وِالنّعْمةُ جِنْسٌ يقالُ للكَثيرِ والقَليلِ.
نَعِمَ ، كسَمِعَ ونَصَرَ وضَرَبَ ، ثلاثُ لُغاتٍ.
والذي في الصِّحاحِ : وِنَعُم الشيءُ ، بالضمِّ ، نُعومةً ، أَي صارَ ناعِماً لَيِّناً ، وكَذلِكَ نَعِمَ يَنْعَم مِثَالَ حَذِرَ يَحْذَر ، وفيه لُغَةٌ ثالثَةٌ مُرَكَّبة بَيْنهما : نَعِمَ يَنْعُمُ مِثْل فَضِلَ يَفْضُلُ ؛ ولُغَةٌ رابعةٌ : نَعِمَ يَنْعِمُ ، بالكسْرِ فيهِما ، وهو شاذٌّ ، اه.
قالَ ابنُ جنيِّ : نَعِمَ في الأَصْلِ ماضِي يَنْعَمُ ، وِيَنْعُم في الأصْلِ مُضارِعُ نَعُم ، ثم تَداخَلَتِ اللُّغتانِ فاسْتَضاف مَنْ يقولُ نَعِمَ لُغَة مَنْ يقولُ يَنْعُم ، فحَدَثَ هنالك لُغَةٌ ثالِثَةٌ ، فإنْ قُلْت : فكانَ يَجبُ ، على هذا ، أنْ يَسْتَضيفَ مَنْ يقولُ نَعُم مضارَعَ مَنْ يقولُ نَعِم فيَتَركَّب مِن هذا لُغَةٌ ثالثَةٌ وهي نَعُم يَنْعَم ، قيلَ : منعَ مِن هذا أَنَّ فَعُل لا يَخْتلفُ مُضارِعُه أَبَداً ، وليسَ كَذلِكَ نَعِمَ ، فإِنَّ نَعِمَ قد يأْتي فيه يَنْعِمُ وِيَنْعَم ، فاحتملَ خِلاف مضارِعِه ، وفَعُل لا يَحْتملُ مضارِعُه الخِلافَ ، اه.
وحَكَى ابنُ قتيبَةَ في أَدبِ الكَاتبِ عن سِيْبَوَيْه أنَّه يقالُ : نَعِمَ يَنْعُم ، بالضمِّ ، كفَضِلَ يَفْضُلُ.
قالَ السهيليُّ : وهو غَلَطٌ مِن القتيبيِّ ، ومن تأَمَّلَ كتابَ سِيْبَوَيْه تَبَيَّن له أَنّه لم يَذْكُر الضمّ ، إلَّا في فَضِلَ يَفْضُلُ.
قالَ شيْخُنا : بل حَكَاه عنه غَيْره.
وذَكَرَه ابنُ القوطيّة وقالَ : إنَّهما لا ثالِثَ لهما.
* قُلْتُ : وقد سَبَقَ في اللامِ عن بعضِهم حَضِرَ يَحْضُرُ ونَقَلَ ابنُ درستويه : نَكِلَ يَنْكُلُ وشَمِلَ يَشْمُلُ. وحَكَى ابنُ عُدَيْس : فَرِغَ يَفْرُغُ مِن الفَرَاغِ ، وبرؤ يَبْرُؤُ ، عن صاحِبِ المبرز ، أَوْرَدَهنَّ أَبو جَعْفرٍ اللبليّ في بغيةِ الآمالِ. ومَرَّ في ف ض ل ما فيه مقنعٌ ، وبما عَرَفْت ظَهَرَ لك ما في سِياقِ المصنِّفِ مِن القُصورِ والمُخالَفَةِ.
وِيقالُ : هذا مَنْزِلٌ يَنْعَمُهُم عَيْناً ، مُثَلَّثَةً ، الفتْحُ والكَسْرُ عن ثَعْلَب ، والضمُّ عن اللَّحْيانيّ.
وِزادَ الأَزْهرِيُّ لُغَةٌ رابعَةٌ وهي : يُنْعِمُهُم ، كيُكْرِمُهُم (٤) ، أَي يُقِرُّ أَعْيُنَهم ويَحْمَدُونه.
وِتَناعَمَ وِناعَمَ أَي تَنَعَّمَ ، وهو تَفْسِير لكلِّ ما مَضَى مِنْ ذِكْر الأَفْعالِ وتَقْدِيره ، وِنَعِمَ بلُغاتِه الثَّلاثَةِ ، وِتَناعَمَ وِناعَمَ بمعْنَى تَنَعَّم ؛ ومنه الحَدِيْث : «كيفَ أَنْعَمُ وصاحِبُ القَرْنِ قد الْتَقَمَه» ؛ أَي كيفَ أَتَنَعَّم.
وِناعَمَهُ مُناعَمَةً ، وِنَعَّمَه غيرُهُ تَنْعِيماً ؛ رَفَّهَهُ فتَنَعَّم.
وِالنَّاعِمَةُ وِالمُناعِمَةُ وِالمَنَعَّمَةُ ، كمُعَظَّمَةٍ : الحَسَنَةُ
__________________
(١) كذا ، وعبارة المفردات مختلفة ، انظر فيها مادة نعم.
(٢) اللسان ، ولم أجده في ديوانه.
(٣) لقمان ، الآية ٢٠ ، والقراءة (نِعَمَهُ) بكسر ففتح.
(٤) على هامش القاموس عن إحدى النسخ : عن الفرّاء.