إلاّ أنّ الناس معادن ، كمعادن الذهب والفضّة ، وقد تواتر عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام : أنّ أمرنا ـ أو : حديثنا ـ صعب مستصعب لا يتحمّله إلاّ نبيّ مرسل أو مَلَك مقرّب أو مؤمن امتحن اللّه قلبه بالإيمان. إذن فلا نتحرّى وقيعة في علماء الدين ، ولا نمسّ كرامة العارفين ، ولا ننقم من أحد عدم بلوغه إلى مرتبة من هو أرقى منه ، إذ لا يكلّف اللّه نفساً إلاّ وسعها ، وقال مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام : لو جلست اُحدّثكم ما سمعت من فم أبي القاسم صلىاللهعليهوآله لخرجتم من عندي وأنتم تقولون : إنّ عليّاً من أكذب الكاذبين.
وقال إمامنا السيد السجّاد عليهالسلام : لو علم أبو ذرّ ما في قلب سلمان لقتله ، ولقد آخا رسول اللّه صلىاللهعليهوآله بينهما ، فما ظنّكم بسائر الخلق ، وكلاّ وَعَدَ اللّه الحسنى ، وفضّل اللّه المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً.
ثمّ يذكر العلاّمة الأميني ما قاله السيد الأمين في أعيان الشيعة من إنكاره الحافظ البرسي وأنّه من الغلاة ، فيناقشه ، ثمّ يذكر مؤلّفات الحافظ وجملة من شعره الرائق في مدح أهل البيت عليهمالسلام ، فراجع.
فكما إنّ الإيمان درجات ، وفي بعض الروايات تبلغ إلى أربعمائة درجة ، كذلك المعرفة باللّه ورسوله وأهل بيته ، فإنّ المعرفة من الكلّي المشكّك له مراتب في القوّة والضعف ، ولو علم أبو ذرّ ما في قلب سلمان من المعارف الحقّة والأنوار القدسية في عظمة أهل البيت وأسرار أمير المؤمنين لقتله ، أو قال رحم اللّه قاتل سلمان. وقد آخا بينهما رسول اللّه فما ظنّكم بسائر الناس.
فإذا اعتقدنا أنّ أمير المؤمنين علي عليهالسلام عنده علم الأوّلين والآخرين بعد رسول اللّه ، وذلك بعناية من ربّه ، فإنّه عيبة علمه ، فهو يعلم كلّ ما في القرآن الكريم ، وهو نقطة باء البسملة ، فليس ذلك من الغلوّ ، بل هذا من أدنى المعرفة