ربما من خلال هذه المناقشة مع الشيخ المغنية (رحمه الله) أحسست بفتور وتضجّر ، وتراها من الحشو والذي لا طائل تحته ، ومن القيل والقال الذي يبغضه اللّه سبحانه ، كما ورد في الخبر الرضوي الشريف : «إنّ اللّه يبغض القيل والقال». فتعال معي لنحلّق في آفاق عرفانية مرّة اُخرى ، ونعيش في سماء معالم سورة الحمد والبسملة ، ونصغي إلى ما يقوله السيد الإمام الخميني قدسسره في كتابه القيّم (سرّ الصلاة) في الفصل السابع في القراءة (إشارة إجمالية إلى بعض أسرار سورة الحمد) ، فقال :
إعلم أنّ أهل المعرفة يعتبرون (بسم اللّه) بسملة كلّ سورة متعلّقة بالسورة نفسها ، وعليه يكون لبسملة كلّ سورة معنى غير ما لها للسورة الاُخرى ، بل إنّ بسملة كلّ قائل تختلف عن غيرها في كلّ قول وفعل.
وتوضيح هذا المطلب على نحو الإجمال هو : إنّه قد ثبت ـ تحقيقياً ـ أنّ كلّ دار التحقّق من الغاية القصوى للعقول المهيمنة القادسة إلى منتهى النهاية لحذاء العالم الهيولاني والطبيعة ، هو ظهور اسم اللّه الأعظم ، ومظهر تجلّي المشيئة المطلقة وهي اُمّ الأسماء الفعلية كما قالوا : (ظهر الوجود ببسم اللّه الرحمن الرحيم) ، فإذا لاحظنا كثرة المظاهر والتعيّنات ، فإنّ كلّ اسم عبارة عن ظهور ذلك الفعل أو القول الذي يقع بعده.
والخطوة الاُولى لسير السالك إلى اللّه هو أن يفهم قلبه أنّ جميع التعيّنات ظاهرة باسم اللّه ، بل إنّها جميعاً اسم اللّه ، وفي هذه المشاهدة تختلف الأسماء وتتبع كلّ اسم وضيقه وإحاطته وعدم إحاطته ، والمظهر والمرآة التي يظهر فيها.
واسم اللّه وإن كان مقدماً ـ بحسب أصل التحقّق ـ على المظاهر وهو مقوّمها وقيّومها ، ولكنّه بحسب التعيّن متأخّراً عنها ـ كما هو مقرّر في محلّه ـ فإذا أسقط السالك الإضافات ورفض التعيّنات ووصل إلى بداية التوحيد الفعلي ، تكون