«وروى ابن عبّاس ، عن علي عليهالسلام ، أنّه شرح له في ليلة واحدة من حين أقبل ظلامها إلى حين أسفر صباحها واُطفي مصباحها في شرح الباء من (بسم اللّه) ولم يتعدّ إلى السين ، وقال : لو شئت لأوقرت أربعين وقراً من شرح بسم اللّه». وفي بعض النسخ بعيراً بدل وقراً.
بيان عرشي : لا يذهب عليك أنّ فهم هذا الحديث «وأنا النقطة تحت الباء» ، لا بدّ من توضيح وبيان ، وكذا قول أهل المعرفة : بالباء ظهر الوجود ، وبالنقطة تمّ تميّز العابد عن المعبود ، وذلك إشارة إلى تنزّل الحقّ وظهوره بصورة الخلق كتنزّل الألف وظهوره بصورة الحروف ، لأنّ تعيّن الحقّ المطلق الذي هو المعبود بصورة الخلق المقيّد الذي هو العابد ، ليس إلاّ بسبب النقطة التعيّنية الوجودية الإضافية المسمّاة بالإمكان والحدوث ، التي تحت الوجود البائن الأوّلي الإمكاني المسمّى بالعقل الأوّل تارة وبالروح الأعظم اُخرى ، المتميّز بها العابد الذي هو العبد عن المعبود الذي هو الربّ ، وكذلك الحروف لأنّ تعيّن الألف المجرّد الذي هو بمثابة الذات بصورة الباء المقيّد ، ليس إلاّ بسبب النقطة التعينية البائية تحت الباء ، المتميّز بها الباء عن الألف ، لأنّ الألف إذا نزل من حضرة إطلاقه إلى حضرة تقيّده في صورة البائية ، التي هي أوّل مراتبه في عالم الكثرة ، لم يكن تميّزه عنه إلاّ بالنقطة البائية المتميّز بها عن غيره من الحروف ، وكذلك الحقّ تعالى ، فإنّه إذا نزل من حضرة ذاته ومقام إطلاقه وصورة أحديّته إلى صورة تقيّده وتعيّنه المعبّر عنه بصورة الإمكان في حضرة واحديّته ، لا يكون تميّز تلك الصورة المقيّدة عنه إلاّ بالنقطة القيدية الإمكانية الواقعة تحت تعيّنه ، المتميّز بها عن غيره من الموجودات ، وأوّل تلك الصورة المقيّدة تارة تسمّى بالعقل ، وتارة بالروح ، وتارة بالنور ، إلى آخر الموجودات ، كما يسمّى أوّل الصورة المقيدة الحروفية