بسم الله الرحمن الرحيم
«اعلم ـ رحمك اللّه ـ ان للّه عز وجل عليك حقوقا (١) محيطة بك في كل حركة تحركتها ، أو سكنة سكنتها ، أو منزلة نزلتها ، أو جارحة قلبتها ، أو آلة تصرفت بها. بعضها أكبر من بعض. وأكبر حقوق اللّه عليك ما أوجبه لنفسه تبارك وتعالى من حقه الذي هو أصل الحقوق ومنه تتفرع ، ثم ما أوجبه عليك لنفسك من قرنك إلى قدمك على اختلاف جوارحك ، فجعل لبصرك عليك حقا ، ولسمعك عليك حقا ، وللسانك عليك حقا ، وليدك عليك حقا ، ولرجلك عليك حقا ، ولبطنك عليك حقا ، ولفرجك عليك حقا ، فهذه الجوارح السبع التي بها تكون الأفعال. ثم جعل عز وجل لأفعالك عليك حقوقا : فجعل لصلاتك عليك حقا ، ولصومك عليك حقا ، ولصدقتك عليك حقا ، ولهديك عليك حقا ، ولأفعالك عليك حقا.
ثم تخرج الحقوق منك إلى غيرك من ذوي الحقوق الواجبة عليك ، وأوجبها عليك حق أئمتك ، ثم حقوق رعيتك ، ثم حقوق رحمك. فهذه حقوق يتشعب منها حقوق : ـ
فحقوق أئمتك ثلاثة : أوجبها عليك حق سائسك بالسلطان ثم سائسك بالعلم ثم حق سائسك بالملك ، وكل سائس إمام. وحقوق رعيتك ثلاثة : أوجبها عليك حق رعيتك بالسلطان ، ثم حق رعيتك بالعلم ، فان الجاهل
__________________
(١) وفي رواية أخرى «اعلم رحمك اللّه ان للّه عليك» ... الخ.