الذين كانوا حول رسول الله عددهم معيّن محصور ، وأفراد معدودون جدّاً ، يمكننا معرفة المؤمن منهم من الذي في قلبه مرض ، نحن الان لسنا بصدد تعيين الصغرى ، لسنا بصدد تعيين المصداق ، لكنّا عرفنا على ضوء هذه الاية المباركة أنّ الناس في مكّة في بدء الدعوة المحمديّة كانوا على أربعة أقسام : أُناس مشركون كافرون وهذا واضح ، في الناس أيضاً أهل كتاب وهذا واضح ، وفي الناس آمن برسول الله وهذا واضح ، الذين في قلوبهم مرض ، هؤلاء ليسوا من الذين آمنوا ، وليسوا من المشركين والكافرين ، وليسوا من أهل الكتاب ، فمن هم؟ فيظهر ، أنّ هناك في مكة المكرمة وفي بدء الدعوة المحمديّة أُناساً عنوانهم عند الله وفي القرآن الكريم : (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ).
ولو راجعتم التفاسير لرأيتم القوم متحيّرين في تفسير هذه الاية وحلّ هذه المشكلة ، ولن يتمكّنوا إلاّ أنْ يفصحوا بالحق وإلاّ أنْ يقولوا الواقع ، فما دام لا يريدون الواقع تراهم متحيّرين مضطربين.
يقول الفخر الرازي بتفسير الاية (١) ـ لاحظوا بدقّة ـ : جمهور المفسّرين قالوا في تفسير قوله : (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) إنّهم
__________________
(١) تفسير الرازي ٣٠ / ٢٠٧.