والجواب أنه لا
يخفى أن المجتهدين وإن عدّوا الإجماع في الأدلة الشرعيّة في كتب الاصول ، وربّما
استسلفوه في الكتب الاستدلالية أيضا ، إلّا إنّ المحقّقين منهم في مقام التحقيق
والبحث في المسائل بالفكر الدقيق ينازعون في تحقيق الإجماع المذكور غاية النزاع ،
ويطعنون فيه ويمزّقونه تمزيقا لا يرجى له الاجتماع ، كما لا يخفى على من راجع كتبهم
الاستدلالية ، ككتاب (المعتبر) و (المسالك) و (المدارك) و (الذكرى) و (الذخيرة) للفاضل الخراساني ، وغيرها. وهذا بحمد الله تعالى ظاهر
لمن تتبع الكتب المذكورة.
وحينئذ فليس
مسألة الاحتجاج بالإجماع وجعله دليلا شرعيا إلّا من جملة المسائل الخلافية بين
العلماء ، مجتهدا كان أو أخباريّا ، فلا يصلح لأن يكون فرقا في المقام.
وأمّا دليل
العقل الذي هو عبارة عن البراءة الأصليّة والاستصحاب ، فالخلاف في حجيّته بين
المجتهدين موجود في غير موضع ، والمحققون منهم على منعه.
وقد فصّل
المحقّق في أوّل كتاب (المعتبر) ، والمحقّق الشيخ حسن في كتاب (المعالم) ـ وغيرهما في
غيرهما ـ الكلام في البراءة الأصلية والاستصحاب على وجه يدفع تمسك الخصم به في هذا
الباب. وبعض ـ كالسيد السند في (المدارك) ـ جوّز العمل بالبراءة الأصلية ، ومنع العمل
على الاستصحاب. وسيأتيك ما فيه تأييد الكلام في المقام.
وحينئذ ، فهذه
المسألة أيضا من جملة المسائل الخلافية بين العلماء ، فلا
__________________