السّرّ : [في الانكليزية] Mystery ـ [في الفرنسية] Mystere
هو ما يختصّ بكلّ شيء من جانب الحق عند التوجّه الإيجادي إليه المشار إليه بقوله : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (١). ولهذا قيل : لا يعرف الحقّ إلاّ الحقّ ، ولا يطلب الحقّ إلاّ الحقّ ، ولا يحب الحقّ إلاّ الحقّ ، لأنّ ذلك السّر هو الطالب للحقّ ، والمحب له والعارف به كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : «عرفت ربي بربي» (٢).
السّرّ : [في الانكليزية] Secret ، Heart ـ [في الفرنسية] Secret ، coeur
بالكسر والتشديد يطلق على مرادين : أحدهما أمر خفي ضد العلانية والآخر القلب ، وهذا من باب إطلاق لفظ الحال على المحل ، كإطلاق لفظ الخاطر الموضوع لما يخطر بالبال على محله ، لأنّ القلب محل السّر. يقال ظهر سرّ قلبي ووقع في سرّي كذا ، كما يقال ورد لي خاطر ووقع في خاطري كذا. والسّر بالمعنى الثاني مختلف فيه. فهو عند طائفة فوق الروح والقلب. وعند طائفة فوق القلب دون الروح. وعند المحققين إنّه هو القلب وإنّ ما زعموه فوق الروح والقلب هو عين الروح المتجلي في النهاية بوصف غريب مستعجم على الطائفة الأولى ، وعين القلب المتجلّي في النهاية بوصف غريب مستعجم على الطائفة الثانية كذا في شرح قصيدة فارضية. وفي مجمع السلوك : وأمّا الصوفية فيقولون : النفس جسم لطيف كلطافة الهواء في أجزاء البدن كالزبد في اللبن والدهن في الجوز واللوز ، والقلب داخل في النفس وهو ألطف وأضوأ منها. وأمّا السرّ فقال الله تعالى : (فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) (٣). والسّرّ نور روحاني آلة النفس فإنّ النفس تعجز عن العمل ولا تفيد فائدة ما لم يكن السّرّ الذي هو همّة مع النفس. فالنفس بدون إعانة السّرّ لها عاجزة. وقال بعض الصوفية السّرّ بعد القلب وقبل الروح. وقيل بعد الروح وأعلى منه وألطف. وقيل السّرّ محل المشاهدة والروح محل المحبة والقلب محل المعرفة. ويقول شيخ الشيوخ : إنّ ما أطلقوا عليه اسم السّرّ ليس بذاك ، فذلك السّرّ للشيء مستقلّ بذاته ، بل يصبح مثل النّفس الطاهرة. وهذا السّرّ يظهر من القلب ومن الروح أيضا (٤).
وأما الروح فهو نور روحاني آلة النفس أيضا كالسّر ، فإنّ الحياة إنّما تبقى في البدن بشرط وجود الروح في النفس ، أجرى الله تعالى العادة بذلك. وأمّا الروح الخفي فإنّهم يسمونه أخفى والأصوب أخفى لموافقته قوله تعالى : (فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى). وإنّما سمّي أخفى لأنّه أبلغ من السّر والروح والقلب في الاستتار والاختفاء عن الخواطر والفهوم ، يعني إنّ ورود الفهم والوهم واحدا واحدا للسّالك العارف في مرتبة الروح الخفية لا يصل (٥) إلاّ بإعانة الله وهو نور ألطف من السّر والروح ، وهو أقرب إلى عالم الحقيقة فهو كالحاجب للنفس في الحضرة الصمدية إذا ذهل النفس والقلب والسّرّ والروح عن الحضرة يلتفت إليهم الأخفى شرزا بلمحة
__________________
(١) النحل / ٤٠.
(٢) جاء في كتاب الاصطلاحات الصوفية للقاشاني ، ص ١٠١ ، وأورد المحقّق أنه حديث مشهور وعزاه لابن الأثير في «جامع الأصول من احاديث الرسول» ٧ / ٧٥.
(٣) طه / ٧.
(٤) وشيخ شيوخ گويد آن را كه سر نام نهاده اند نيست آن سر چيزى مستقل بنفس خويش بلكه چون نفس پاك مى گردد قلب از مقام خويش عروج مى كند ويا روح از مقام خويش عروج مى كند اين را سر مى گويند واين سر هم از قلب وهم از روح پيدا مى شود.
(٥) يكايك ورود وهم وفهم سالك عارف در مرتبه روح خفي نمى رسد.