وافقوا النّظامية (١) فيما ذهبوا إليه ، وزادوا عليهم أن الله لا يقدر على ما أخبر بعدمه أو علم عدمه ، والإنسان قادر عليه ، لأن قدرة العبد صالحة للضدين على سواء ، فإذا قدر على أحدهما قدر على الآخر كذا في شرح المواقف (٢).
الإشارة : [في الانكليزية] Indication ـ [في الفرنسية] Indication
معناه بديهي وهي قسمان : إشارة عقلية وإشارة حسّية. وللإشارة ثلاثة معان : الأول المعنى المصدري الذي هو فعل ، أي تعيين الشيء بالحسّ. الثاني المعنى الحاصل بالمصدر وهو الامتداد الموهوم الآخذ من المشير المنتهي إلى المشار إليه ، وهذا الامتداد قد يكون امتدادا خطّيا ، فكأنّ نقطة خرجت من المشير وتحركت نحو المشار إليه فرسمت خطّا انطبق طرفه على نقطة من المشار إليه ، وقد يكون امتدادا سطحيّا ينطبق الخط الذي هو طرفه على ذلك الخط المشار إليه ، فكأنّ خطّا خرج من المشير فرسم سطحا انطبق طرفه على خطّ المشار إليه ، وقد يكون امتدادا جسميا ينطبق السطح الذي هو طرفه على السطح من الجسم المشار إليه فكأنّ سطحا خرج من المشير فرسم جسما انطبق طرفه على سطح المشار إليه. الثالث تعيين الشيء بالحسّ بأنه هنا أو هناك أو هذه بعد اشتراكها في أنها لا تقتضي كون المشار إليه بالذات محسوسا بالذات. وتفترق بأن الأول والثاني لا يجب أن يتعلّقا أولا بالجوهر بل ربما يتعلقان أولا بالعرض وثانيا بالجوهر لأنهما لا يتعلقان بالمشار إليه أولا ، إلاّ بأن يتوجّه المشير إليه أولا ، فكلّ من الجوهر والعرض يقبل ذلك التوجه وكذا ما هو تابع له. والثالث يجب أن يتعلّق أولا بالجوهر وثانيا بالعرض فإنه وإن كان تابعا لتوجّه المشير لكن التوجّه بأن المشار إليه هنا أو هناك لا يتعلّق أولا إلاّ بما له مكان بالذات ، هكذا ذكر مرزا زاهد في حاشية شرح المواقف في مقدمة الأمور العامة.
وقد تطلق على حكم يحتاج إثباته إلى دليل وبرهان كما وقع في المحاكمات ، ويقابله التنبيه بمعنى ما لا يحتاج إثباته إلى دليل.
والإشارة عند الأصوليين دلالة اللفظ على المعنى من غير سياق الكلام له ، ويسمّى بفحوى الخطاب أيضا ، نحو : (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (٣) ففي قوله تعالى له إشارة إلى أن النسب يثبت بالأب ، وهي من أقسام مفهوم الموافقة كما يجيء هناك ، وفي لفظ النصّ أيضا. وأهل البديع فسّروها بالإتيان بكلام قليل ذي معان جمّة ، وهذا هو إيجاز القصر بعينه ، لكن فرق بينهما ابن أبي الأصبع بأن الإيجاز [له] (٤) دلالة مطابقية ، ودلالة الإشارة إمّا تضمّن أو التزام ، فعلم منه أنه أراد بها ما تقدّم من أقسام المفهوم ، أي أراد بها الإشارة المسمّاة بفحوى الخطاب ، هكذا يستفاد من الإتقان في نوع المنطوق والمفهوم ونوع الإيجاز. وعلم الإشارة قد سبق في المقدمة.
__________________
(١) فرقة كلامية من المعتزلة أتباع أبي اسحاق ابراهيم بن سيار بن هاني النظّام. خلطوا في آرائهم ومعتقداتهم ما تعتقده الفلاسفة ثم انفردوا عن المعتزلة الآخرين بمسائل في القدر وأفعال العباد والإرادة الإلهية وحقيقة الإنسان وغير ذلك من المباحث الفلسفية والميتافيزيقية. وقد ذكرهم : الملل ص ٥٣ ، الفرق ١٣١ ، مقالات الإسلاميين ١ / ٢٢٧ ، التبصير ٤٣ ، طبقات المعتزلة ٤٩ ، اعتقادات فرق المسلمين للرازي ٤١ ، العبر ١ / ٣١٥.
(٢) الاسوارية : فرقة كلامية من المعتزلة ، أتباع علي الاسواري الذي انفصل عن ابي الهذيل العلاف إلى النظام ثم انفصل عنه حيث زاد عليه في الرأي ، فقال إن الله تعالى لا يوصف بالقدرة على ما علم أنه لا يفعله مع أن الإنسان قادر على ذلك ، الملل ٥٨ ، الفرق ١٥١ ، التبصير ٤٤ ، طبقات المعتزلة ٧٢.
(٣) البقرة / ٢٣٣.
(٤) [له] (+ م).