الزمان ، ومن جملة تلك الألفاظ لفظ الاسم ، فيكون لفظ الاسم اسما لنفسه فاتّحد هاهنا الاسم والمسمّى. قال : فهذا ما عندي ، هذا كله خلاصة ما في شرح المواقف والچلپي وما في تعليقات جدّي رحمة الله عليه.
التقسيم
اعلم أنّ الاسم الذي يطلق على الشيء إمّا أن يؤخذ من الذات بأن يكون المسمّى به ذات الشيء وحقيقته من حيث هي ، أو من جزئها ، أو من وصفها الخارجي ، أو من الفعل الصادر عنه ؛ ثم أنظر أيّها يمكن في حق الله تعالى ، فالمأخوذ من الوصف الخارجي الداخل في مفهوم الاسم فجائز في حقه تعالى ، سواء كان الوصف حقيقيا كالعليم ، أو إضافيا كالماجد بمعنى العالي ، أو سلبيا كالقدوس ، وكذا المأخوذ من الفعل كالخالق. وأما المأخوذ من الجزء كالجسم للإنسان فمحال لانتفاء التركيب في ذاته ، فلا يتصوّر له جزء حتى يطلق عليه اسمه. أمّا المأخوذ من الذات فمن ذهب إلى جواز تعقّل ذاته جوّز أن يكون له اسم بإزاء حقيقته المخصوصة ، ومن ذهب إلى امتناع تعقّلها لم يجوّز لأن وضع الاسم لمعنى فرع تعقله ووسيلة إلى تفهيمه ، فإذا لم يمكن أن يعقل ويفهم فلا يتصوّر اسم بإزائه. وفيه بحث لأن الخلاف في تعقّل كنه ذاته ووضع الاسم لا يتوقف عليه إذ يجوز أن يعقل ذاتا ما بوجه ما ، ويوضع الاسم لخصوصية ويقصد تفهيمها باعتبار ما لا بكنهها ، ويكون ذلك الوجه مصحّحا للوضع وخارجا عن مفهوم الاسم ، كما في لفظ الله ، فإنه اسم علم له موضوع لذاته من غير اعتبار معنى فيه ، كذا في شرح المواقف.
وفي شرح القصيدة الفارضية في علم التصوف : الأسماء تنقسم باعتبار الذات والصفات والأفعال إلى الذاتية ، كالله والصفاتية كالعليم والأفعالية كالخالق ، وتنحصر باعتبار الأنس والهيبة عند مطالعتها في الجمالية كاللطيف والجلالية كالقهار. والصفات تنقسم باعتبار استقلال الذات بها إلى ذاتية وهي سبعة : العلم والحياة والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام ، وباعتبار تعلّقها بالخلق إلى أفعالية ، وهي ما عدا السبعة ولكل مخلوق سوى الإنسان حظ من بعض الأسماء دون الكلّ كحظ الملائكة من اسم السبّوح والقدّوس. ولذا قالوا نحن نسبّح بحمدك ونقدس لك ، وحظّ الشيطان من اسم الجبار والمتكبر ، ولذلك عصى واستكبر واختص الإنسان بالحظ من جميعها ولذلك أطاع تارة وعصى أخرى وقوله تعالى (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) (١) أي ركّب في فطرته من كل اسم من أسمائه لطيفة وهيّأه بتلك اللطائف للتحقّق بكل الأسماء الجلالية والجمالية ، وعبّر عنهما بيديه فقال للإبليس (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) (٢) وكلّ ما سواه مخلوق بيد واحدة لأنه إمّا مظهر صفة الجمال كملائكة الرحمة أو الجلال كملائكة العذاب. وعلامة المتحقق باسم من أسماء الله أن يجد معناه في نفسه كالمتحقق باسم الحق علامته أن لا يتغيّر بشيء ، كما لم يتغير الحلاج (٣) عند قتله تصديقا لتحققه بهذا الاسم انتهى. وفي الإنسان الكامل قال
__________________
(١) البقرة / ٣١.
(٢) ص / ٧٥.
(٣) الحلاّج : هو الحسين بن منصور الحلاّج ، أبو مغيث. مات مقتولا عام ٣٠٩ هـ / ٩٢٢ م. فيلسوف زاهد صوفي ومتكلم.
تكلم الناس في معتقده ووشوا به حتى قتل وأحرقت جثته. له عدة تصانيف. الأعلام ٢ / ٢٦٠ ، الفهرست ١ / ١٩٠ ، طبقات الصوفية ٣٠٧ ، روضات الجنان ٢٢٦ ، البداية والنهاية ١١ / ١٣٢ ، لسان الميزان ٢ / ٣١٤ ، ابن الأثير ٨ / ٣٩ ، وفيات الأعيان ١ / ١٤٦ ، ميزان الاعتدال ١ / ٢٥٦ ، تاريخ بغداد ٨ / ١١٢ ، مرآة الجنان ٢ / ٢٥٣.