رسول الله قد تفل في بئر فارتفع فيه الماء إلى سطح البئر ، فافعل أنت هكذا ، ففعل ذلك في بئر ، فغار الماء فيه حتى جفّ. وأمّا ما يصدر من غير الأنبياء مقرونا بكمال الإيمان والتقوى والمعرفة والاستقامة فهو ما يقال له كرامة. وما يقع من عوامّ المؤمنين فيسمّى معونة ، وأما ذاك الذي يقع من الكفار والفسّاق فهو استدراج (١).
كذا في مدارج النبوة (٢) من الشيخ عبد الحق الدهلوي (٣). وسيأتي في لفظ الخارق. وعند أهل المعاني هو الكلام المشتمل على إسماع الحق على وجه لا يورث مزيد غضب المخاطب سواء كان فيه تعريض أو لا ، ويسمّى أيضا المنصف من الكلام نحو قوله تعالى : (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي) (٤) أي ما لكم أيها الكفرة لا تعبدون الذي خلقكم بدليل قوله : (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٥) ففيه تعريض لهم بأنهم على الباطل ولم يصرّح بذلك لئلاّ يزيد غضبهم حيث يريد المتكلم لهم ما يريد لنفسه ، كذا في المطول وحواشيه في بحث إن ولو في باب المسند.
الاستدراك : [في الانكليزية] Restriction ، metonymy Restriction ، metonymie
في عرف العلماء يطلق على ذكر شيئين يكون الأول منهما مغنيا عن الآخر ، سواء كان ذكر الآخر أيضا مغنيا عن الأول ، كما إذا كان الشيئان متساويين ، أو لم يكن ، كما إذا ذكر أولا الخاصّ ثم العامّ ، كما تقول في تعريف الإنسان الناطق الحيوان ، بخلاف ذكر الخاصّ بعد العامّ فإنه ليس باستدراك ، إذ الأول ليس مغنيا عن الثاني ، كما تقول في تعريف الإنسان الحيوان الناطق. وهو قبيح إلاّ أن يتضمن فائدة إذ حينئذ لا يبقى الاستدراك بالحقيقة ، هكذا يستفاد مما ذكره المولوي عبد الحكيم في حاشية شرح المواقف في تعريف الحال في مقدمة الأمور العامة.
ويطلق أيضا عند النحاة على دفع توهّم ناشئ من كلام سابق ، وأداته لكن ، فإذا قلت : جاءني زيد مثلا فكأنه توهّم أنّ عمرا أيضا جاءك لما بينهم من الإلف ، فرفعت ذلك الوهم بقولك لكن عمرا لم يجئ ، ولهذا يتوسّط لكن بين كلامين متغايرين نفيا وإثباتا تغايرا لفظيا ، كما في المثال المذكور ، أو معنويا كما في قولك : زيد حاضر لكن عمرا غائب ، هكذا في الفوائد الضيائية في بحث الحروف المشبّهة بالفعل. وفي الضوء شرح المصباح (٦) : الفرق بين الاستدراك والإضراب أنّ الإضراب هو الإعراض عن الشيء بعد الإقبال عليه ، فإذا
__________________
(١) وسخن مشهور آنست كه أمر خارق عادت كه از مدعي رسالت واقع شود أكر موافق دعوى وإرادة أو باشد معجزة خوانند واگر مخالف دعوى وقصد أو باشد إهانت نامند چنانچه از مسيلمة كذاب صادر شده بود كه وقتى تابعانش گفتند كه محمد رسول خدا در چاهى خوي خود انداخت آبش بجوش آمد تا آنكه تا لب چاه برآمد تو نيز آن چنان كن پس أو در چاهى تف خود انداخت آبش فرورفت تا آنكه خشك شد وآنچه از غير نبي صادر شود پس اگر مقرون بكمال إيمان وتقوى ومعرفت واستقامت باشد كرامت گويند وآنچه از عوام مؤمنان از أهل صلاح وقوع يابد آن را معونت شمارند وآنچه از فاسقان وكافران صدور يابد استدراج خوانند.
(٢) مدارج النبوي لعبد الحق بن سيف الدين بن سعد الله الدهلوي أبو محمد (ـ ١٠٥٢ هـ).
(٣) هو عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي. ولد بدهلي (الهند) عام ٩٥٩ هـ / ١٥٥٢ م. وتوفي عام ١٠٥٢ هـ / ١٦٤٢ م. محدّث الهند في عصره ، فقيه حنفي. له الكثير من المصنفات. الأعلام ٣ / ٢٨٠ ، معجم المطبوعات ٨٩٩.
(٤) يس / ٢٢.
(٥) يس / ٢٢ / ٨٣ ، يونس / ٥٦ ، هود / ٣٤.
(٦) الضوء على المصباح لتاج الدين محمد بن محمد بن أحمد الأسفراييني (ـ ٦٨٤ هـ) شرح فيه كتاب المصباح في النحو للمطرزي. الهند ، ١٨٥٠ م. كشف الظنون ٢ / ١٧٠٨ ، معجم المطبوعات العربية ٤٣٦.