وثالثها السّمة وهي عنوان الكتاب ، ليكون عند الناظر إجمال ما يفصّله الغرض ، كذا في شرح اشراق الحكمة. وفي تكملة الحاشية الجلالية السّمة هي عنوان العلم ؛ وكأنّ المراد منه تعريف العلم برسمه أو بيان خاصّة من خواصه ليحصل للطالب علم إجمالي بمسائله ويكون له بصيرة في طلبه ؛ وفي شرح التهذيب السّمة العلامة ، وكأنّ المقصود الإشارة إلى وجه تسمية العلم ؛ وفي ذكر وجه التسمية إشارة إجمالية إلى ما يفصل العلم من المقاصد.
ورابعها المؤلّف وهو مصنّف الكتاب ليركن قلب المتعلّم إليه في قبول كلامه ، والاعتماد عليه لاختلاف ذلك باختلاف المصنّفين ؛ وأما المحقّقون فيعرفون الرجال بالحق لا الحق بالرجال ، ولنعم ما قيل : لا تنظر إلى من قال وانظر إلى ما قال. ومن شرط المصنفين أن يحترزوا عن الزيادة على ما يجب والنقصان عمّا يجب وعن استعمال الألفاظ الغريبة المشتركة وعن رداءة الوضع ، وهي تقديم ما يجب تأخيره وتأخير ما يجب تقديمه.
وخامسها أنه من أيّ علم هو ، أي من اليقينيات أو الظنّيات ، من النظريات أو العمليات ، من الشرعيات أو غيرها ، ليطلب المتعلّم ما تليق به المسائل المطلوبة.
وسادسها أنه أيّة مرتبة هو ، أي بيان مرتبته فيما بين العلوم ، إمّا باعتبار عموم موضوعه أو خصوصه ، أو باعتبار توقّفه على علم آخر ، أو عدم توقّفه عليه ، أو باعتبار الأهمية أو الشرف ، لتقدّم تحصيله على ما يجب ، أو يستحسن تقديمه عليه ، ويؤخّر تحصيله عما يجب أو يستحسن تأخيره عنه.
وسابعها القسمة ، وهي بيان أجزاء العلوم وأبوابها ليطلب المتعلّم في كل باب منها ما يتعلّق به ، ولا يضيّع وقته في تحصيل مطالب لا تتعلّق به ، كما يقال : أبواب المنطق تسعة ، كذا وكذا ؛ وهذا قسمة العلم ، وقسمة الكتاب كما يقال : كتابنا هذا مرتّب على مقدمة ، وبابين وخاتمة ، وهذا الثاني كثير شائع لا يخلو عنه كتاب.
وثامنها الأنحاء التعليمية وهي أنحاء مستحسنة في طرق التعليم ، أحدها التقسيم ، وهو التكثير من فوق إلى أسفل ، أي من أعم إلى ما هو أخصّ ، كتقسيم الجنس إلى الأنواع ، والنوع إلى الأصناف ، والصنف إلى الأشخاص. وثانيها التحليل ، وهو عكسه أي التكثير من أسفل إلى فوق ، أي من أخصّ إلى ما هو أعم ، كتحليل زيد إلى الإنسان والحيوان ، وتحليل الإنسان إلى الحيوان والجسم ؛ هكذا في تكملة الحاشية الجلالية ، وشرح إشراق الحكمة. وفي شرح التهذيب كأنّ المراد من التقسيم ما يسمّى بتركيب القياس ، وذلك بأن يقال : إذا أردت تحصيل مطلب من المطالب التصديقية ضع طرفي المطلوب واطلب جميع موضوعات كل واحد منهما ، وجميع محمولات كل واحد منهما سواء كان حمل الطرفين عليها ، أو حملها على الطرفين ، بواسطة ، أو بغير واسطة ، وكذلك اطلب جميع ما سلب عنه الطرفان أو سلب هو عن الطرفين ، ثم انظر إلى نسبة الطرفين إلى الموضوعات والمحمولات ، فإن وجدت من محمولات موضوع المطلوب ما هو موضوع المحمول فقد حصل المطلوب عن (١) الشكل الأول ، أو ما هو محمول على محموله فمن الشكل الثاني ، أو من موضوعات موضوعه (٢) ما هو موضوع لمحموله فمن الشكل الثالث ، أو محمول لمحموله فمن
__________________
(١) حصلت المطلوب من (م).
(٢) موضوعه (ـ م).