وكان فيهم ممّن يكنّ أبلغ الحقد والعداء
للإمام ، ومن المحكّمة الخوارج ، فانحازوا إلى الإمام (عليه السّلام) لمّا سمعوا
منه الحقّ ، وشاهدوا ما عليه من المظلومية ، وما كان عليه أعداؤه من الباطل
والقساوة والتجاوز.
وحتّى كان في جيش الحسين (عليه السّلام)
ذي العدد الضئيل جنودٌ مجهولون ، لم تحرّكهم إلاّ أنْباء كربلاء التي بلغتْهم ، فبلغتْ
إلى عقولهم ، وبلغتْ بهم قمم الشهادة فالخلود.
[٢٦٩]
قال العريان بن الهيثم : كان أبي يَتَبدى
فينزل قريباً من الموضع
الذي كان فيه معركة الحسين ، فكنّا لا نبدو إلاّ وجدنا رجلاً من بني أسَد هناك ، فقال
له أبي : أراك ملازماً هذا المكان؟
قال
: بلغني أن حُسَيْناً يُقتل ها هنا ، فأنا أخرج إلى هذا المكان لعلّي اُصادفه
فأُقْتَلَ معه!
قال
الراوي : فلّما قُتِلَ الحسين (عليه السّلام) قال أبي : انطلقوا ننظر هل الأسدي
فيمن قُتِل؟
فأتينا
المعركة ، وطوّفنا فإذا الأسدي مقتول
!
ولئن خان الجيشُ الكوفيّ بعهوده ، واستهتر
برسائله وكتبه ووعوده ، لكنّ أصحاب الحسين (عليه السّلام) ـ على قلّة العدد ـ
ضربوا أروع الأمثلة في الوفاء والفداء ، وكانوا أكبر من جيش الكوفة في الشجاعة
والبطولة والإقدام ، وقد مجّد الإمام الحسين (عليه السّلام) بموقفهم العظيم في
كلماته وخطبه في يوم
____________________