إنّ الإمام (عليه السّلام) وبمثل ما قام به من الإقدام أثبت ذكره ومقتله على صفحات التاريخ ، حتّى لا تناله خيانات المنحرفين ، وجحود المنكرين ، وتزييف المزورين.
ويخلد في الخالدين (١) ، وسيأتي حديث عن علم الإمام (عليه السّلام) بمقتله من الغيب ، وإقدامه على ذلك في الفقرة التالية (٢٨).
٢٨ ـ من أنباء الغيب للغيب والإيمان به دور في حضارة الدين والرسالات كلّها ، وفي الإسلام كذلك ، حتّى جعل من صفات الّذين يلتزمون بها أنّهم (يُؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ).
والرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) قد جاء بأنباء الغيب التي أوحاها الله إليه ، وكلّ ما أخبر به منْ أنْباء المستقبل وحوادثه فهو من الغيب الموحى إليه ، إذ هو (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى) ، وكانت واقعة خروج الحسين (عليه السّلام) إلى أرض العراق وقتله هُناك من دلائل النبوّة ، وشواهد صدقها حقّاً (٢).
وقد استفاضتْ بذلك الأخبار ، وممّا نقله ابن عساكر [٢١٣] : عن عليّ (عليه السّلام) قال : «دخلت على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وعيناه تفيضان ، فقلت : يا نبيّ الله ، أغضبك أحدٌ؟ ما شأن عينيك تُفُيضان؟
قال : بل قام من عندي جبرئيل قبلُ ، فحدّثني أنّ الحسين يُقتل بشطّ الفرات» (٣).
وزار مَلَك القَطْر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، فدخل الحسين (عليه السّلام)
____________________
(١) انظر مقال «علم الأئمة بالغيب» / ٥٨ ـ ٦٩.
(٢) أورد كثير من هذه الأخبار البيهقي في «دلائل النبوّة» ، وكذلك أبو نعيم في «دلائل النبوّة» ، وهما مطبوعان متداولان.
(٣) مختصر تاريخ دمشق ـ لابن منظور ٧ / ١٣٣.