الحسن : ـ نحن مِن زمنٍ طويلٍ حاضرون ـ يا أبي ـ لو أنَّ يقظة قد استدعتنا في عهد عمر ، لكنَّا لبيَّناها بإلحاح ، ولكنَّها تأخَّرت حتَّى الآن ، فهل لنا إلاَّ أنْ نُلبِّي؟! إنَّ الأُمَّة تطلبنا في الوقت الحاضر ، فامش إليها أيُّها الإمام. صحيح أنَّ كلَّ قعود طويل يوهِن الطريق ويُبعثر فيه حُفر العِثار ، ولكنَّ القضيَّة الكبيرة تبقى ـ أبداً ـ حافزنا نُلبِّيها ساعة تطلبنا النَّجدة بمَزيِّتها الحكيمة.
يظهر أنَّ مُعاوية يلعب لُعبة كبيرة في غوطة الشام ، إنَّها لُعبة يُتقنها ـ تيميَّة سُفيانيَّة ـ إنَّ تيميَّة أبي بكر تَنشط الآن في البصرة ، تُحرِّكها ابنته عائشة لصالح طلحة والزبير ، في حين يوظِّفها دَهاء مُعاوية حتَّى تكون لصالحه في طرف الميدان. فلنقف بوجه مُعاوية الآن في البصرة. لقد سمعتك في الأمس تُخطِّط : إنَّ عائشة أوَّلا ثمَّ يأتي دور الشام.
ما كاد الحسن يسكت عن حديثه الموجَز ، حتَّى نهض الحسين يزرع الدار بخطوات مَلزوزة ، كأنَّها هي التي راحت تُساعده في التعبير عن انفعالاته :
الحسين : ـ أجل ـ يا أبي ـ نحن دائماً حاضرون ، فالرسالة ـ القضيَّة ـ حاضرة فينا ونحن حاضرون فيها وبها ، وعلينا أنْ نُلبِّي في كلِّ لحظة يشتغل فيها وعي وإدراك ، ولكنَّني أسأل : ألسنا نحن يقظة في ضمير الأُمَّة؟! فإذا كانت الثورة قد هبَّت في وجه الخليفة وضرَّجته بدمه ، ألاَ نكون نحن هم الذين أيقظوا الثورة فأُسِكتت؟!فما كان يُنطَق بالعهر والكُفر؟ صحيح أنَّنا لم نَمتشِق حساماً غرزناه في صدر القتيل ، إنَّنا لسنا مُجرمين سفاكي دم ، ولكنَّنا نحن كلمة في الرسالة التي هبطت بالحَقِّ ؛ لتزيح المُجرمين السفَّاكين مِن درب الحَقِّ ، الذي يلهب يقظة الإنسان في أُمَّة جَدِّي ، لهذا نحن حاضرون الآن لأنْ نُلبِّي القضيَّة ساعةَ تطلبنا النَّجدة ، وسنلبيها بمُجازفة بأعناقنا ، ألم تكن المُجازفة