الحَدَث الجديد ، الذي
راحت تتفقَّه به الأُمَّة بعد مرور عشر سنين عليها بين يدي ابن الخطاب الذي راح ـ
بدوره ـ يعرض الحساب بين يدي النبي ، الذي أوصاه قبل أنْ يرحل : أنْ يصون
الذِّمَّة ويتعهَّد الأُمَّة مع المُتعهِّدين ، ويُنجِّي الطريق مِن زحمة الغبار ،
وأنْ يضبط الشوط ويجعله رحلة العُمر ، مِن أجل مَجيد إلى أمجد ، وعندئذ يُمكن
القول : جَلَّ الله وصدق وعده.
ـ ٨ ـ
لقد كان العرض طويلاً في هذه الليلة ، لقد
انتهى مع الصباح الباكر على صدى جديد ، كان يتردَّد هنا وهناك ، كأنَّه قهقهات عفاريت
أفلتت مِن القماقم المضغوطة تحت أقدام الجِنِّ ، يا للقبليَّة! ترقص الآن تميميَّة
ـ حربيَّة ـ أُمويَّة ـ سُفيانيَّة ـ في الساحة الأَسوديَّة ، العَنسيَّة ، الشقيَّة
، السطيحيَّة ، نسبة إلى بني تميم وبني حرب الأُمويِّين السُّفيانيِّين ، ونسبة ـ
أيضا ـ إلى مُدَّعي النبوَّة الكاذبة الأسود العنسي ، وألى العرافين شِق وسَطيح
اللذين اختلقهما خيال العرب ، وكان الأوَّل إنساناً مَمسوخاً بشِقٍّ واحدٍ والثاني
بلا هيكلٍ عظميٍّ يشتدُّ به ، وهي تحرب الصدى : أميرنا الجديد هو عثمان بن عفَّان
...
ذلك كان موضوع العرض الذي بسطه الإمام
عليٍّ أمام الحسن والحسين ، إنَّه شرح مُستفيض لمعنى (مجلس الشورى) الذي ابتكره
عمر بن الخطاب عندما شعر بدنوِّ أجله ، وكانت نتيجته تنصيب عثمان بن عفَّان خليفة
على المسلمين.
ليست الأحداث اليوم بعيدة عن مفهوم
الحسنين ، فكلاهما يزينهما نضجٌ باكر إضافة إلى نضجِ العُمر ، على فارق بسيط
بينهما في السِّنِّ يدور بهما حول الخامسة والعشرين. إنَّ الحسن بالذات كان عضواً
في مجلس الشورى بصفة مُراقب لا أكثر. أمَّا المجلس فكان مؤلَّفاً مِن سِتَّة
فاعلين هُمْ : طلحة ، الزبير ، ابن عوف ، ابن أبي وقَّاص ، ابن عفَّان ، ابن أبي
طالب.
أمَّا القصد مِن التبسُّط أمام الحسن
والحسين ، فذلك كان ـ أبداً ـ مِن الإمام عليٍّ