الحسن : ـ وهل لنا رأي يا أبي ، ونحن لا نقدر أنْ نبنيه مِن غير الرجوع إليك في الرُّشد والسَّداد.
إلاَّ أنَّك تُحبُّ ـ دائماً ـ أنْ نحمل السيف ونلوِّح به أمامك ، إنَّه نهجك الحكيم ـ يا أبي ـ تُدرِّبنا به على امتشاق الحُسام ، وليكن لك ما تُريد.
أصبحت أرى معك أنَّ نيَّة سيِّئة تجمع ضِدَّنا هؤلاء القوم ، وأنَّ المُحرِّك المُقتدر الذي يلعب بها لُعبةً ما كرةً هو رفيقك في الساحة وفي مَكَّة ، أنَّ في ذلك وضوحاً لا يُشير إلاَّ إلى عمر بن الخطاب ، ولقد تكشَّف لي الآن أنَّه مُقتدر في امتلاك الساحة التي يدخلها الآن بقوَّة الأمس ، وأنا أعرف ـ الآن ـ تماماً أنَّ قوَّة الأمس هي كذَّابة ، وقد علَّمها جَدِّي ـ وكنت ساعده الأيمن في الساحة ـ كيف عليها أنْ تَصدِق وتسقيم لتصير فاعلة بنَّاءة. مِن هنا آخذ موضوعي وأُقدِّم رأيي : ألا يُمكننا ـ وها نحن في هذا الواقع الجديد ـ أنْ تُعيد النظر ـ أنت بالذات ـ في بُنية ابن الخطاب النفسيَّة ، وتُعيده إلى أنْ يتصالح مع نفسه ، ومع حقيقة إسلامه ، عندما كان بين يدي جَدِّي في حقيقة الحضور. أنا أرى ـ يا أبي ـ أنْ تُساعد الرجل وهو الآن في كرسي الإمارة ، أليس هناك أمل كبير في إصلاحه عن طريق التغاضي والسماح ، وتناسي الأسيَّة والأذيَّة ، فيكون الإشراف هذا كبيراً في تساميه ، ومُساعداً لإرجاع الذات إلى حقيقتها مِن النُّبل ، والسير في سبيل الرَّشاد؟
أنا أُرجِّح ـ يا أبي ـ أنَّنا إذا تمكَّنا مِن تمريض الخليفة وإشفائه ، نعود إلى حقيقة الوصول في تنفيذ كلِّ غايات جَدِّي مِن أجل هذه الأُمَّة التي وصفتها الآن : بأنَّها هي نحن في وسيع التداخل والتضامن ، أليس بناء الأُمَّة في لُحمتها ، ورصِّها ، هو غايتنا