واحتمل قوله : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ) : أن يتهجد بغير الذي فرض عليه : مما تيسر منه : فكان الواجب طلب الاستدلال بالسنة على أحد المعنيين ، فوجدنا سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تدل على أن لا واجب من الصلاة إلا الخمس ، فصرنا : إلى أن الواجب الخمس ، وأن ما سواها : من واجب : من صلاة ، قبلها ـ منسوخ بها ، استدلالا بقول الله عز وجل : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ) فإنها (١) ناسخة لقيام الليل ، ونصفه ، وثلثه ، وما تيسر. ولسنا نحبّ لأحد ترك (٢) ، أن يتهجد بما يسره الله عليه : من كتابه ، مصليا [به] (٣) ، وكيفما أكثر فهو أحب إلينا». ثم ذكر حديث طلحة بن عبيد الله ، وعبادة بن الصامت ، فى الصلوات الخمس (٤).
أخبرنا أبو سعيد بن أبى عمرو ، ثنا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال لنا الشافعي رحمه الله. فذكر معنى هذا بلفظ آخر (٥) ؛ ثم قال : «ويقال : نسخ ما وصفت المزمل (٦) ، بقول الله عز وجل : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) ، ودلوك الشمس : زوالها ؛ (إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) : العتمة ، (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) : الصبح ، (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً* وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ
__________________
(١) فى الرسالة (ص ١١٦). «وأنها» ، ولعل ما هنا أصح.
(٢) كذا بالرسالة. وعبارة الأصل. «يترك» ، وهى خطأ ، أو لعل (أن) ناقصة من الناسخ. وعلى كل فعبارة الرسالة أحسن وأخصر.
(٣) الزيادة عن الرسالة.
(٤) انظره فى الرسالة (ص ١١٦ ـ ١١٧).
(٥) انظره فى الام (ج ١ ص ٥٩).
(٦) عبارة الام (ج ١ ص ٥٩) : «نسخت ما وصفت من المزمل». ولعل صحة العبارة ، نسخ ما وصفت من المزمل.