وقَال جماعَةٌ : التَّمامُ الإتْيانُ بما نَقَصَ مِن الناقِصِ ، والكَمالُ الزِّيادَةُ على التَّمامِ ، فلا يَفْهم السامِعُ عَربيًّا أَو غيره من رَجُل تامّ الخَلْق إلَّا أنَّه لا نَقْصَ في أَعْضائِه ويفهم (١) من كامل وخَصّه بمعْنَى زائِدٍ على التَّمامِ كالحسن والفَضْل الذّاتيّ أَو العَرضيّ ، فالكَمالُ تَمامٌ وزِيادَةٌ فهو أَخَص ، وقد يُطْلَق كلّ على الآخِرِ تَجَوُّزاً ، وعليه قوْلُه تعالَى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) (٢) ، كذا في كتابِ التَّوْكيدِ لابنِ أَبي الاصْبَع.
وقيلَ : التَّمامُ يَسْتدْعي سبق نقص بخلافِ الكمالِ ، وقيلَ : غيرُ ذلِكَ ممَّا حَرَّرَه البهاءُ السَّبْكي في عروسِ الأَفْراحِ ، وابنُ الزّملكاني في شرْحِ التِّبْيان ، وغيرُ واحِدٍ.
قلْتُ : وقالَ الحَراليُّ : الكَمالُ الانْتهاءُ إلى غايَةٍ ليسَ وَراءَها مُريدٌ من كلِّ وَجْه.
وقالَ ابنُ الكَمالِ : كمالُ الشيءِ حُصُولُ ما فيه الغَرَض منه ، فإذا قيلَ : كَمُلَ فمعْناهُ حَصَل ما هو الغَرَضَ منه.
ولَيْلُ التِّمامِ ، ككِتَاب ، ولَيْلُ تِمامٍ كِلاهُما بالإضافَةِ.
ولَيْلٌ تِمامٌ ولَيْل تِمامِيُّ كِلاهُما على النَّعْتِ ، أَطْولُ ما يكونُ من ليالي الشِّتاءِ.
قالَ الأَصْمَعِيُّ : ويَطولُ لَيْلُ التَّمام حتى تَطْلُع فيه النُّجومُ كُلُّها ، وهي لَيْلةُ مِيلادِ عيسَى ، على نبيِّنا وعليه أَفْضل الصَّلاة والسَّلام ، والنَّصارَى تعظِّمُها وتقومُ فيها ، أَو هي ثلاثُ لَيالٍ لا يُسْتَبانُ نُقْصانُها مِن زِيادَتِها ، أَو هي إذا بَلَغَتِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ساعةً فَصاعِداً ، أَو إذا بَلَغَتْ ثلاثَ عَشَرَةَ ساعةً إلى خَمْس عَشَرَةَ ساعةً ، قالَ امْرؤُ القَيْسِ :
فَبِتُّ أُكابِدُ لَيْلَ التِّما |
|
مِ والقَلْبُ من خَشْيَةٍ مُقْشَعِرْ (٣) |
وقالَ أَبو عَمْرو : ولَيْلُ التِّمام ستَّة أَشْهُر : ثَلاثَة أَشْهُر حينَ يَزِيدُ على اثنَتيْ عَشْرة ساعةً ، وثَلاثَة أَشْهُر حينَ يَرْجِع ، قالَ : وسَمِعْت ابنَ الأَعْرابيِّ يقولُ : كلُّ ليلةٍ طالَتْ عليك فلم تَنَمْ فيها فهي لَيْلةُ التِّمام ، أَو هي كلَيْلَةِ التِّمام ، وقالَ الفَرَزْدق :
تِمَامِيًّا كأَنَّ شَآمِياتٍ |
|
رَجَحْنَ بجانِبَيْه من الغُؤُور (٤) |
وقالَ ابنُ شُمَيْل : لَيْلةُ السَّواء لَيْلةُ ثَلاثَ عشرَةَ ، وفيها يَسْتوي القَمَرُ ، وهي لَيْلةُ التَّمام. ولَيْلةُ تَمامِ القَمَر هذا بفتحِ التاءِ ، والأَوَّل بالكسْرِ.
ويقالُ : وَلَدَتْهُ لتِمٍّ وتِمامٍ ، بكسْرِهما ويُفْتَحُ الثاني : أَي بلُغَتهِ تَمام الخَلْقِ أَي تَمَّ خَلْقه.
وحَكَى ابنُ بَرِّي عن الأصْمَعِيّ : وَلَدَتْه للتَّمام ، بالأَلِفِ واللَّامِ ، قالَ : ولا تَجِيءُ نَكِرَةً إلَّا في الشِّعْرِ.
وأَتَمَّتِ المرْأَةُ فهي مُتِمُّ : دَنا وِلادُها.
وأَتَمَّتِ الحُبْلى : إذ أَتَمَّتْ أَيَّامَ حَمْلِها.
وأَتَمَّتِ الناقَةُ : دَنا نتاجُها. وفي حَدِيْث أَسْماءٌ : «خَرَجْت وأَنا مُتِمٌّ» ، يقالُ : امْرأَةُ مُتِمٌّ للحامِلِ إذا شارَفَتِ الوَضْع.
وأَتَمَّ النَّبتُ : اكْتَهَلَ.
وأَتَمَّ القَمَرُ : امْتَلأَ فَبَهَرَ ، فهو بَدْرُ تَمامٍ ، ويُكْسَرُ ويُوصَفُ به. ويقالُ : قمرُ تَمامٍ إذا تَمَّ لَيْلة البَدْرِ.
وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : وُلِد الغُلامُ لِتِمٍّ وتِمَامٍ وبدرُ تِمَامٍ وكلُّ شيءٍ بعْدَ هذا فهو تَمامٌ ، بالفَتْح.
واسْتَتَمَّ النَّعْمةَ بالشُّكْرِ : سَأَلَ إِتْمامَها.
وَتَمَّمَ الكَسْرُ : انْصَدَعَ ولم يَبِن ، أَو انْصَدَعَ ثم بانَ كَتَمَّ (٥) فيهما ، قالَ ذو الرُّمَّةِ :
كانْهِياض المُعْنَتِ المُتَتَمِّمِ (٦)
أَي تَمَّ عَرَجُه كَسْراً ، كذا في النسخِ والصَّوابُ : كتَتَمَّم فيهما أَي بتاءَيْن.
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : ويفهم الخ لعله ويفهم من كامل خصوصه الخ.
(٢) المائدة الآية ٣.
(٣) ديوانه ط بيروت ص ١١٠ واللسان والأساس والصحاح.
(٤) ديوانه واللسان والتكملة والتهذيب.
(٥) على هامش القاموس عن إحدى نسخه : كتَتَمَّمَ.
(٦) تمامه :
إذا ما رآها رؤية هيض قلبه |
|
بها كانهياض المتعب المتتمم |
انظر اللسان والتهذيب باختلاف روايتهما ، والديوان ص ٦٢٩ واللسان تعب. والمقاييس ١ / ٣٤٠.