وقيلَ : تَشَمَّمَ الشيءَ : شَمَّهُ في مَهْلَةٍ ، كما في الصِّحاحِ.
وشامَّا مشامَّةً ، وتشامَّا : شَمَّ أَحدُهما الآخَرَ.
والشَّمَّامُ ، كشَدَّادٍ : بِطِّيخٌ كحَنْظَلَةٍ صَغيرَةٍ مُخَطَّطٌ بحُمْرَةٍ وخُضْرَةٍ وصُفْرَةٍ ، فارِسِيَّتُه الدَّسْتَنْبويَه ، والأصْلُ فيه دست بوى ؛ رائِحَتُه بارِدَةٌ طَيِّبَةٌ مُلَيِّنَةٌ جالِبَةٌ للنّوْمِ ، وأَكْلُه ملَيِّنٌ للبَطْنِ.
والشَّمَّاماتُ : ما يُتَشَمَّمُ من الأَرْواحِ الطَّيِّبَةِ ، اسمٌ كالجَبَّانَةِ.
ومِن المجازِ : شامِمْهُ ، أَي انْظُرْ ما عِنْدَهُ وقارِبْهُ وادْنُ منه وتَعَرَّف ما عِنْدَه بالاخْتِبارِ والكَشْفِ ، وهي مُفاعَلَةٌ مِن الشَّمِّ كأَنَّ كلَّ واحِدٍ يَشُمُّ ما عِنْدَ صاحِبِه ليَعْمَلا بمقْتَضَى ذلِكَ ؛ ومنه قوْلُ عليٍّ ، رَضِيَ اللهُ تعالَى عنه ، حينَ أَرادَ البُروزَ لعَمْرو بن وُدٍّ قالَ : «أَخْرُج إليه فأُشامُّه قبْلَ اللِّقاءِ» أَي أَخْتَبِرُه وأَنْظُرُ ما عِنْدَه ؛ ومنه قوْلُهم : شامَمْناهُمْ ثم ناوَشْناهُمْ.
ومِن المجازِ : عرضْتُ عليه كذا فإذا هو مُشِمٌّ لا يريدُهُ.
يقالُ : أَشَمَّ إذا مَرَّ رَافِعاً رأْسَه وشَمَخَ بأَنْفِهِ ؛ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عن أَبي عَمْرو.
وأَشَمَّ : عَدَلَ عن الشَّيءِ.
نَقَلَ الجَوْهَرِيُّ عن أَبي عَمْرو : يقالُ : بَيْناهُمْ في وَجْهٍ إذا أَشَمُّوا أَي عَدَلُوا.
قالَ : وسَمِعْتُ الكِلابيَّ يقولُ : أَشَمَّ القومُ إذا جارُوا عن وُجُوهِهِم يَميناً وشمالاً.
وأَشَمَّ الحُروفَ إشْماماً : أَذَاقَها الضَّمَّةَ أَو الكَسْرَةَ بحَيْثُ لا تُسْمَعُ.
وفي الصِّحاحِ : وإشْمامُ الحَرْفِ أَنْ تُشِمَّه الضمَّةَ أَو الكسْرَةَ ، وهو أَقَل مِن رَوْمِ الحرَكَةِ لأَنَّه لا يُسْمَع وإنَّما يتبيَّن بحرَكَةِ الشَّفةِ ولا يُعْتَدُّ بها حَرَكَةٌ لضَعْفِها ؛ والحَرْفُ الذي فيه الإِشْمام ساكِنٌ أَو كالسَّاكِنِ.
وفي المُحْكَمِ : الإِشْمامُ رَوْمُ الحَرْفِ الشَّاكنِ بحركَةٍ خفيَّةٍ لا يُعْتَدُّ بها ولا تَكْسِرُ وَزْناً. أَلا تَرى أَنَّ سِيْبَوَيْه حينَ أَنْشَدَ :
متى أَنامُ لا يُؤَرِّقْني الكَرِي |
|
ليلاً ولا أَسْمَعُ أَجْراسَ المَطِي (١) |
مَجْزومُ القافِ قالَ بعدَ ذلِكَ : وسَمِعْتُ بعضَ العَرَبِ يشمُّها الرَّفْع كأَنَّه قالَ : متى أَنامُ غير مُؤَرّق.
ونَقَلَ الجَوْهَرِيُّ عن سِيْبَوَيْه بعدَ إنْشادِ هذا البَيْت ما نَصّه : العَرَبُ تُشِمُّ القافَ شَيئاً مِن الضمة ، ولو اعتددت بحرَكَةِ الإِشْمامِ لانْكَسَرَ البَيْت ، ولصارَ تَقْطِيع : رِقُني الكَرِي ، مُتَفَاعِلُنْ ، ولا يكونُ ذلِكَ إلَّا في الكامِلِ ، وهذا البَيْتُ مِن الرَّجَزِ.
ومِن المجازِ : أَشَمَّ الحَجَّامُ الخِتانَ ، وكذا الخافِضَةُ البَظْرَ إذا أَخَذَا منهما قَليلاً ؛ ومنه الحدِيْث : قالَ لأُمِّ عطيَّه : «إذا خَفَضْتِ فأَشمِّي ولا تَنْهَكِي فإِنَّه أَضْوأُ للوَجْهِ وأَحْظى لها عندَ الزَّوْجِ» ؛ شَبَّه القَطْعَ اليَسِيرَ بإشْمامِ الرائِحَةِ ، والنَّهْكَ بالمُبالَغَةِ فيه ، أَي اقْطَعِي بعضَ النَّواةِ ولا تَسْتأْصِلِيها.
والشَّمِيمُ : المُرْتَفِعُ ؛ يقالُ : قَتَبٌ شَمِيمٌ ؛ أَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لخالِدِ بنِ الصَّقْعَبِ النَّهْدِيّ يَصِفُ فَرَساً :
مُلاعِبةُ العِنانِ بغُصْنِ بانٍ |
|
إلى كَتِفَيْنِ كالقَتَبِ الشَّمِيمِ(٢) |
والمَشُومُ : المِسْكُ ، وبه فُسِّر قولُ عَلْقَمَةَ بن عَبْدَةَ :
يَحْمِلْنَ أُتْرُجَّةً نَضْحُ العبيرِ بها |
|
كأَنَّ تَطْيابَها في الأَنْفِ مَشْمُومُ(٣) |
قيلَ : يعْنِي المِسْكَ ؛ وقيلَ : أَرادَ أَنَّ رائِحَتَها باقيةٌ في الأَنْفِ ، كما يقالُ : أَكَلْت طَعاماً هو في فمِي إلى الآنَ.
والشَّمَمُ ، محرَّكةً : القُرْبُ ، اسمٌ مِن المُشامَّةِ ، وهو مجازٌ ، وأَنْشَدَ أَبو عَمرٍو لعبدِ اللهِ بنِ سَمْعانَ التَّغْلَبي :
ولم يأْتِ للأَمرِ الذي حالَ دونه |
|
رجالٌ همُ أَعْداؤُك الدهرَ من شَمَمْ(٤) |
والشَّمَمُ أَيْضاً : البُعْدُ ، فهو ضِدٌّ. ويُقالُ : دارُهُ شَمَمٌ
__________________
(١) اللسان والصحاح.
(٢) اللسان والصحاح وفيها «كغصنٍ».
(٣) المفضلية رقم ١٢٠ البيت رقم ٦ وفيها «نضخ» والمثبت كرواية اللسان والصحاح.
(٤) اللسان والتهذيب.