الأُمَّهات ، أَو هذه لمَنْ يَعْقلُ ، وأُمَّاتٌ لمَنْ لا يَعْقلُ ، قالَ ابنُ بَرِّي : هذا هو الأَصْلُ ، وأَنْشَدَ الأَزْهرِيُّ :
لقد آلَيْتُ أَعْذِرُ في خداعِ |
|
وإن مُنِّيتُ أُمَّاتِ الرِّباعِ (١) |
قالَ ابنُ بَرِّي : ورُبَّما جَاءَ بعكْسِ ذلِكَ كما قالَ السفَّاحُ اليَرْبوعيُّ في الأُمَّهاتِ لغيرِ الآدَمِيِّين :
قَوَّالُ مَعْروفٍ وفَعَّالُه |
|
عَقَّار مَثْنى أُمَّهات الرِّباعْ (٢) |
وقالَ آخَرُ يَصِفُ الإِبِلَ :
وهام تَزِلُّ الشمسُ عن أُمَّهاتِه |
|
صِلاب وأَلْحٍ في المَثاني تُقَعْقِعُ (٣) |
وقالَ جَريرُ في الأُمّات للآدَمِيِّين :
لقد وَلَدَ الأُخَيْطِلَ أُمُّ سَوْءٍ |
|
مُقَلَّدة من الأُمَّاتِ عارا (٤) |
* قلْتُ : وأَنْشَدَ أَبو حَنِيفَةَ في كتابِ النَّباتِ لبعضِ مُلُوكِ اليَمَنِ :
وأُمَّاتُنا أَكْرِمْ بهِنَّ عَجائِزاً |
|
وَرثْنَ العُلَا عن كابِرٍ بعدَ كابِرِ (٥) |
وأُمُّ كلِّ شيءٍ : أَصْلُهُ وعِمادُهُ.
والأُمُّ للقَوْمِ : رَئيسُهم لأنَّه يَنْضَمُّ إليه الناسُ ، عن ابنِ دُرَيْد ، وأَنْشَدَ للشَّنْفَرَى :
وأُمِّ عِيالٍ قد شَهِدْتُ تَقُوتُهُمْ
والأُمُّ من القرآنِ : الفاتِحَةُ لأنَّه يُبْدَأُ بها في كُلِّ صلاةٍ ، ويقالُ لها : أُمُّ الكِتابِ أَيْضاً أَو أُمُّ القرآنِ : كُلُّ آيةٍ مُحْكَمَةٍ من آياتِ الشَّرائِعِ والأَحْكامِ والفَرائِضِ ، كذا في التَّهْذِيبِ. والأُمُّ للنُّجومِ : المَجَرَّةُ لأَنَّها مُجْتَمَعُ النُّجومِ ، يقالُ : ما أَشْبَه مَجْلِسَك بأُمِّ النُّجومِ لِكثْرَةِ كَوَاكِبها ، وهو مجازٌ ، قالَ تأَبَّطَ شَرَّا :
يرى الوَحْشَة الأُنْسَ الأنيسَ ويهتدي |
|
بحيثُ اهْتَدَتْ أَمّ النجومِ الشوابكِ (٦) |
والأُمُّ للرأْسِ : الدِّماغُ ، أَو هي الجِلدَةُ الرَّقيقَةُ التي عليها ، عن ابنِ دُرَيْدٍ.
وقالَ غيرُه : أُمُّ الرأْسِ : الخَريطَةُ التي فيها الدِّماغُ ، وأُمُّ الدِّماغِ الجِلْدَةُ التي تَجْمَعُ الدِّماغَ.
والأُمُّ للرُّمْحِ : اللِّواءُ وما لُفَّ عليه من خِرْقَةٍ ، قالَ الشاعِرُ :
وسَلَبْنا الرُّمْح فيه أُمُّه |
|
من يَدِ العاصِي وما طَالَ الطِّوَلْ (٧) |
والأُمُّ للتَّنائِفِ : المفازَةُ (٨) البَعيدَةُ.
والأُمُّ للبَيْضِ : النَّعامَةُ ، قالَ أَبو دُوَادِ :
وأَتَانَا يَسْعَى تَفَرُّشَ أُمِّ ال |
|
بيضِ شَدّاً وقد تَعالى النَّهارُ (٩) |
وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : وكُلُّ شيءٍ انضَمَّتْ إليه أَشْياءُ مِن سائِرِ ما يَلِيهِ فإنَّ العَرَبَ تُسَمِّي ذلِكَ الشيءَ أُمّاً.
وأُمُّ القُرَى : مكَّةُ ، زِيْدَتْ شَرَفاً ، لأنَّها تَوسَّطَتِ الأرْضَ فيمَا زَعَموا ، قالَهُ ابنُ دُرَيْدٍ. أَو لأنَّها قِبْلَةُ جَمِيع النَّاسِ يَؤُمُّونَها ، أَي يَقْصدُونَها ، أَو لأَنَّها أَعْظَمُ القُرَى شَأْناً.
وقالَ نَفْطَوَيْهِ : سُمِّيَت بذلِكَ لأنَّها أَصْلُ الأرْضِ منها دُحِيَتْ ، وفسِّرَ قَوْلَه تعالَى : (حَتّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً) (١٠) على وَجْهَيْن.
أَحَدُهما : أَنَّه أَرادَ أَعْظَمها وأَكْثَرها أَهْلاً.
والآخَرُ : أَرادَ مكَّةَ.
__________________
(١) التهذيب ، وفي اللسان : «أغدر في جداع».
(٢) اللسان.
(٣) اللسان.
(٤) اللسان.
(٥) كتاب النبات لأبي حنيفة برقم ٣٨٤ وبعده فيه :
جناهن كافورٌ ومسك وعنبر |
|
ولسن ابن هندٍ من جناةٍ المغافرٍ |
(٦) المقاييس ١ / ٢٤.
(٧) اللسان والتكملة والمقاييس ١ / ٢٣.
(٨) في القاموس : «الفازَةُ» وعلى هامشه عن إحدى نسخه : «المفازة» كالأصل.
(٩) اللسان والصحاح وصدره في المقاييس ١ / ٢٦.
(١٠) القصص الآية ٥٩.