فصل الخاء المعجمة مع الميم
[ختم] : خَتَمَهُ يَخْتِمُهُ خَتْماً وخِتاماً ، بالكسْرِ هذه عن اللّحْيانيّ ، أَي طَبَعَهُ ، فهو مَخْتومٌ ومُخَتَّمٌ ، شدِّدَ للمُبالَغَةِ ، قالَهُ الجوْهَرِيُّ.
وقيلَ : الخَتْمُ إخْفاءُ خَبَرِ الشيءِ بجَمْعِ أَطْرافِه عليه على وَجْهٍ يَتَحَفَّظ به.
ومِن المجازِ : خَتَمَ على قَلْبِهِ : إذا جَعَلَهُ لا يَفْهَمُ شَيئاً ولا يَخْرُجُ منه شيءُ كأَنَّه طُبِعَ ، ومنه قوْلُه تعالَى : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) (١) ، وهو كقَوْلِه : (طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) (٢) ، فلا تَعْقِلُ ولا تَعِي شَيئاً.
وقالَ الزَّجَّاجُ : معْنَى خَتَمَ وطَبَعَ واحِدٌ في اللُّغَةِ ، وهو التَّغْطيةُ على الشيءِ والاسْتِيثاقُ مِن أَنْ لا يَدْخله شيءٌ ، كما قالَ ، جلَّ وعلا : (أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) (٣).
وخَتَمَ الشَّيءَ خَتْماً : بَلَغَ آخِرَهُ ، كما في المحْكَمِ.
وقالَ الرَّاغبُ : الخَتْمُ والطَّبْعُ يقالُ على وَجْهَيْن : الأَوَّل : تأْثِيرُ الشيءِ بنقْشِ الخَاتَمِ والطَّابعِ ، والثاني : الأَثَرُ الحَاصِل عن النَّقْشِ ، ويَتَجوَّزُ به تارَةً في الاسْتِيثاقِ مِن الشيءِ والمَنْع منه اعْتِباراً لمَا يَحْصَل مِن المَنْعِ بالختم على الكُتُبِ والأَبْوابِ ، وتارَةً في تَحْصِيلِ أَثَر شيءٍ عن شيءٍ اعْتِباراً بالنَّقْشِ الحَاصِلِ ، وتارَةً يُعْتَبرُ فيه بُلوغُ الآخر ، ومنه خَتَمْتُ القُرْآن أَي انْتَهَيْت إلى آخِرِه ، فقوْلُه تعالَى : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) إشارَةً إلى ما أَجْرَى اللهُ به العادَةَ أَنَّ الإنْسان إذا تَنَاهَى في اعْتِقادٍ باطِلٍ وارْتِكابِ مَحْظُورٍ ، فلا يكونُ منه تَلَفّت بوَجْه الى الحقِّ يُورِثه ذلِكَ هَيْئةً تُمَرِّنُهُ على اسْتِحسْان المَعاصِي فكأَنَّما يخْتُم بذلِكَ على قَلْبِهِ ، وعلى هذا النَّحْو اسْتِعارَةُ الاغْفالِ والكِنّ والقَساوَةِ.
وقالَ الجُبَّانيُّ : جَعَل اللهُ خَتْماً على قُلُوبِ الكُفَّارِ ليكون دَلالَةً للمَلائِكَةِ على كُفْرِهم فلا يَدْعون لهم. قالَ الرَّاغبُ : وليسَ ذلِكَ بشيءٍ فإنَّ هذه الكِتابَةِ إنْ كانتْ مَحْسوسَةً فمن حقِّها أَنْ يدْرِكَها أَصْحابُ التَّشْريحِ ، وإنْ كانتْ مَعْقولةً (٤) فالمَلائِكَةُ باطِّلاعِهم على اعْتِقادَاتِهم مُسْتَغْنية عن الاسْتِدْلال.
ومِن المجازِ : خَتَمَ الزَّرْعَ يَخْتِمُهُ خَتْماً ، وخَتَمَ عليه : إذا سَقاهُ أَوَّلَ سَقْيَةٍ ، وهو الخَتْمُ.
والخِتامُ : اسْمٌ له ، لأَنَّه إذا سُقِي خُتِم بالرَّجاءِ ، وقد خَتَمُوا على زُروعِهم أَي سَقَوْها ، وهي كِرابٌ بَعْدُ.
قالَ الطائِفيُّ : الخِتامُ أَن تُثارَ الأَرْضُ بالبَذْرِ حتى يَصِيرَ البَذْر تحْتَها ثم يَسْقونَها ، يقُولُون : خَتَمُوا عليه.
قالَ الأَزْهَرِيُّ : وأَصْلُ الخَتْمِ التَّغْطيَةُ ، وخَتْم البَذْر تَغْطِيَتُه.
والخِتامُ ، ككِتابٍ : الطِّينُ يُخْتَمُ به على الشَّيءِ. يقالُ : ما خِتامُك طينٌ أَمْ شمْعٌ.
والخاتَمُ ، بفتحِ التاءِ : ما يُوضَعُ على الطِّينَةِ ، هو اسمٌ مِثْلُ العالَمِ.
ومِن المجازِ : لَبِسَ الخاتَم ، وهو حَلْيٌ للإِصْبَعِ كالخاتِمِ ، بكسْرِ التاءِ لُغَتانِ. وفي الحدِيْث : «آمِيْن خاتَمُ ربّ العَالَمِيْن على عبادِهِ المُؤْمِنِين» ، أَي طَابِعُه وعَلامَتُه التي ترفَعُ (٥) عنهم الأَعْراضَ والعَاهات ، لأَنَّ خاتَمَ الكِتابِ يَصُونهُ ويَمْنَعُ النَّاظِرِينَ عمَّا في باطِنِه.
والخاتامِ والخَيْتامِ والخِيتامِ ، بالكسْرِ ، والخَتَمِ ، محرَّكةً ، والخَاتِيامِ ، فهي لُغاتٌ سَبْعة ، نَقَلَها ابنُ سِيْدَه ما عَدا الأَخِيرَة.
واقْتَصَرَ الجوْهَرِيُّ على الخَمْسَةِ الأَولى.
وزادَ ابنُ مالِكٍ الخَيْتَمُ ، كحَيْدَرٍ وجَمَعها خَمْس لُغات في قوْلِه :
في الخاتَم الخيتم والخيتاما |
|
يروون والخاتم والخاتاما |
وقوْلُ شيْخِنا : وفي كَلامِ المصنِّفِ ستّ فيه نَظَرٌ بلْ
__________________
(١) البقرة الآية ٧.
(٢) النحل الآية ١٠٨ ومحمد الآية ١٦.
(٣) محمد الآية ٢٤.
(٤) في المفردات : فإن كانت معقولة غير محسوسة.
(٥) اللسان : «تدفع».