وسُورَةٌ مُحْكَمَةٌ : أَي غَيْرُ مَنْسوخَةٍ.
والآياتُ المُحْكَماتُ هي : قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ (١) إلى آخِرِ السُّورَة : أَو هي التي أُحْكِمَتْ فلا يَحْتاجُ سامِعُها إلى تأْوِيلِها لبَيانِها كأَقاصِيصِ الأَنْبياءِ.
وفي حَدِيْث ابنِ عَبَّاس : «قَرَأْتُ المُحْكَمَ على عهْدِ رَسُولِ اللهِ ، صلىاللهعليهوآلهوسلم» ، يُريدُ المُفَصَّلَ مِن القُرْآنِ لأَنَّه لم يُنْسَخْ منه شيءٌ ، وقيلَ : هو ما لم يكنْ مُتشابهاً لأَنَّه أُحْكِمَ بَيانُه بنفْسِه ولم يَفْتقرْ إلى غيْرِه.
والمُحَكِّمُ ، كمُحَدِّثٍ في شِعْرِ طَرَفَةَ بنِ العَبْدِ إذ يقولُ :
ليتَ المُحَكَّمَ والمَوْعُوظَ صوتَكُما |
|
تحتَ التُّرابِ إذا ما الباطِلُ انْكَشَفا (٢) |
هو الشيخُ المُجَرَّبُ المَنْسوبُ إلى الحِكمَةِ. وغَلِطَ الجوْهَرِيُّ في فتحِ كافِهِ.
قالَ شيْخُنا : وجَوَّزَ جماعَةٌ الوَجْهَيْن ، وقالوا : هو كالمُجَرِّبِ فإنَّه بالكسْرِ الذي جَرَّبَ الأُمورَ ، بالفتحِ الذي جَرَّبَته الحَوادِثُ. وكَذلِكَ المُحَكِّمُ حكم الحَوادِث وجَرَّبَها ، وبالفتحِ حَكَمَته وجَرَّبَتْه ، فلا غَلَط.
وفي الحَدِيْث : «إنَّ الجنَّةَ للمُحَكّمين».
قالَ الجوْهَرِيُّ : المُحَكَّمُونَ من أَصْحابِ الأُخْدُودِ يُرْوى بالفتحِ ، وعليه اقْتَصَرَ الجوْهَرِيُّ ، ويُرْوى الكسْرُ (٣) فيه أَيْضاً ، ومَعْناهُ على رِوايَةِ الكسْرِ : المُنْصِفُ من نَفْسِه.
ويدلّ له حَدِيْث كعْبٍ : «إِن في الجنَّةِ داراً» ، ووَصَفَها ثم قالَ : «لا يَنْزِلُها إِلَّا نبيُّ أَو صِدِّيقٌ أَو شَهِيدٌ أَو مُحَكَّمٌ في نفْسِه».
وعلى رِوايَةِ الفتحِ قالَ الجوْهَرِيُّ : هم قَوْمٌ خُيِّرُوا بينَ القَتْلِ والكُفْرِ فاخْتاروا الثَّباتَ على الإِسْلامِ والقَتْلَ أَي مع القَتْلِ ، كما هو نَصُّ الصِّحاحِ.
وقالَ غيرُه : هُم الذين يَقَعُون في يدِ العدوِّ فيُخَيَّرُون بينَ الشرْكِ والقَتْل فيَخْتارُون القَتْلَ.
قالَ ابنُ الأَثيرِ : وهذا هو الوَجْه.
والحَكَمُ ، محرَّكةً : الرَّجُلُ المُسِنُّ المتناهي في مَعْناه.
والحَكَمُ أَيْضاً : مِخْلافٌ باليَمَنِ نُسِبَ إِلى الحَكَمِ بنِ سعْدِ العَشِيرَةِ.
والمُسَمَّى بالحَكَمِ زُهاءُ عشرين صَحابِيّاً (٤) وهم : الحَكَمُ بنُ الحَارِثِ السُّلَميُّ ، والحَكَمُ بنُ حزنٍ الكلفيُّ ، والحَكَمُ بنُ الحَكَمِ (٥) ، والحَكَمُ بنُ أَبي الحَكَمِ ، وابنُ الرَّبيعِ الزرقيُّ ، وابنُ رافعِ بنِ سِنان الأَنْصارِيُّ ، وابنُ سعيدِ بنِ العاصِ بنِ أُمَيَّةَ ، وابنُ سُفْيان بنِ عُثْمان الثَّقفِيُّ ، وابنُ الصَّلْت بنِ مَخْرمَةَ ، وابنُ أَبي العاصِ الأُمويُّ ، وابنُ أَبي العاصِ الثَّقفيَّ ، وابنُ عبدِ الرَّحمن الفرعيُّ ، وابنُ عَمْرو الثَّماليُّ ، وابنُ عَمْرو الغَفارِيُّ ، وابنُ عَمْرو بنِ معتبٍ الثَّقفيُّ ، وابنُ كيسان ، وابنُ مُسْلم العُقَيْليُّ ، وابنُ مينا ويقالُ ابنُ منْهال ، والحَكَمُ والدُ مَسْعودٍ الزرقيّ ، والحَكَمُ والدُشبيبٍ ، والحَكَمُ أَبو عبدِ اللهِ الأَنْصارِيُّ جَدُّ مُطيعِ (٦) بنِ يَحْيَى ، رضياللهعنهم.
وزُهاءُ عِشْرين مُحَدِّثاً (٧) وهم : الحَكَمُ بنُ أَبان المعدنيُّ (٨) ، والحَكَمُ بنُ بشير ، والحَكَمُ بنُ حجل الأَزْريُّ ،
__________________
(١) الأنعام الآية ١٥١.
(٢) لم أعثر عليه في ديوانه ط بيروت ، والبيت في اللسان والصحاح والمقاييس ٢ / ٩١ والتكملة ، وضبطت فيها جميعا «المحكم» بفتح الكاف ، وقد نص الجوهري بالعبارة على فتح الكاف منها ، قال الصاغاني في التكملة : وإنما هو المحكم بكسر الكاف ، كما سيأتي عن المصنف.
(٣) ضبطت في القاموس مكسورة حسب ما يقتضيه سياقه ، وتصرف الشارح بالعبارة فاقتضى الرفع.
(٤) ثمة نقص في نسخة الشارح ، وتمام عبارة القاموس بعدها : وثلاثين مُحدِّثا ، وكأميرٍ : ابن أميّة ، وابن جَبَلَة ، وابن حزام ، وابنُ حَزْنٍ ، وابن قيسٍ ، وابنُ طَلِيق ، وابنُ معاوية ، صحابيون انظر أسد الغابة في ذكر من اسمه «حكيم».
(٥) في أسد الغابة : ابن أَبي الحكم ، والثاني فيه مجهول.
(٦) في أسد الغابة : مطيع أَبي يحيى.
(٧) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وعشرين محدثا ، هكذا في جميع نسخ الشارح الخط فيكون محصل ما في نسخته من المتن التي وقعت له : أن الحكم بالتحريك اسم لزهاء عشرين من الصحابة ولزهاء عشرين من المحدثين ثم أنه سيأتي يستدرك على المصنف من اسمه حكيم كأمير ، وفي هذه النسخة مخالفة لنسخ المتن المطبوعة فليراجع وليحرر» تقدم أن ثمة نقص في نسخة الشارح ، وفي نسخ المتن المطبوعة ذكر لمن اسمه حكيم كأمير ، انظر الحاشة رقم ٢.
(٨) في الكاشف : «العدني» ومثله في ميزان الاعتدال ، وفي نسخة منه «العبدي».