أَنَّها مِن سَنَتَيْن؟ قالَ : والأوْلى الاخْتِيارُ ما قالَهُ أَهْلُ المَدينَةِ لأَنَّ الأَخْبارَ قد تَظَاهَرتْ عن رَسُول الله صلىاللهعليهوسلم ، كما قالوا مِن رِوايَةِ ابن عُمَرَ وأَبي هُرَيْرَةَ وأَبي بكْرَةَ ، رضياللهعنهم.
قالَ : وهذا أَيْضاً قولُ أَكْثَر أَهْل التَّأْوِيل قالَ النَّحاسُ : وأُدْخِلَتِ الألِفُ واللامُ في المُحَرَّمِ دُوْن غيرِهِ مِن الشُّهورِ.
والحُرْمُ ، بالضمِّ ، الإِحْرامُ ، ومنه حَدِيْث عائِشَةَ ، رَضِيَ اللهُ تعالَى عنها : «كنتُ أُطَيِّبُه صلىاللهعليهوسلم ، لحِلِّهِ ولحُرْمِه» ، أَي عنْدَ إحْرامِه.
وقالَ الأَزْهرِيُّ : معْناهُ أَنَّها كانتْ تُطَيِّبُه إذا اغْتَسَلَ وأَرادَ الإِحْرامَ والإِهْلالَ بما يكونُ به مُحْرِماً مِن حَجٍّ أَو عُمْرةٍ ، وكانت تُطَيِّبُه إذا حَلَّ مِن إِحْرامِه.
والحُرْمَةُ ، بالضمِ وبضَمَّتَيْن وكهُمَزَةٍ : ما لا يَحِلُّ انْتِهاكُهُ ، وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابيِّ لأُحَيْحَة :
قَسَماً ما غيرَ ذي كَذِبٍ |
|
أَن نُبيحَ الخِدْن والحُرَمَه(١) |
قالَ ابنُ سِيْدَه : إِنِّي أَحْسب الحُرَمَةَ لغَةٌ في الحُرْمَةِ ، وأَحْسن مِن ذلِكَ أَنْ يقولَ والحُرُمَة ، بضمِ الرَّاءِ ، فيكونُ مِن بابِ ظُلْمَة وظُلُمَةٍ ، أَو يكونُ أَتْبَع الضَّمّ للضَّرُورَةِ.
والحُرْمَةُ أَيْضاً : الذِّمَّةُ ، ومنه أَحْرَمَ الرجُلُ فهو مُحْرِمٌ إذا كانت له ذِمَّةٌ.
وقالَ الأَزْهَرِيُّ : الحُرْمَةُ المَهابَةُ ، قالَ : وإذا كانَ للإنْسانِ رَحِمٌ وكنا نَسْتحِي منه قلْنا له حُرْمَةٌ ، قالَ : وللمُسْلمِ على المُسْلمِ حُرْمَةٌ ومَهابَةٌ.
والحُرْمَةُ : النَّصِيبُ وقوْلُه تعالَى : (ذلِكَ) وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ (٢).
قالَ الزَّجَّاجُ : أَي ما وجَبَ القِيامُ به وحَرُمَ التَّفريطُ فيه.
وقالَ مجاهِدُ : الحُرُماتُ مكَّةُ والحَجُّ والعُمْرَةُ وما نَهَى اللهُ مِن مَعاصِيه كُلِّها.
وقالَ غيرُه : الحُرُماتُ جَمْعُ حُرْمَةٍ كظُلْمةٍ وظُلُماتٍ ، وهي حُرْمَةُ الحَرَمِ ، وحُرْمَةُ الإحْرامِ ، وحُرْمَةُ الشَّهْرِ الحَرامِ. وقالَ عطاءُ : حُرُماتُ اللهِ مَعاصِي اللهِ.
وحُرَمُكَ ، بضمِّ الحاءِ ، ظاهِرُ سِياقِه يَقْتَضِي أَنْ يكونَ بسكونِ الثاني ، وليسَ كذلِكَ بل هو كزُفَرَ ، نِساؤُكَ وعِيالُكَ وما تَحْمِي ، وهي المَحارِمُ ، الواحِدَةُ مَحْرُمَةٌ كمَكْرُمَةٍ ، وتُفْتَحُ (٣) رَاؤُه ، ومنه إِطلاقُ العامَّةِ : الحُرْمَةُ ، بالضمِّ ، على المرْأَةِ كأَنَّه واحِدُ حرم.
ورَحِمٌ مَحْرَمٌ ، كمَقْعَدٍ ، أَي مُحَرَّمٌ تَزَوُّجُها ، قالَ :
وجارةُ البَيْتِ أَرَاها مَحْرَمَا |
|
كما بَرَاها اللهُ إلَّا أَنَّما |
مكارِهُ السَّعْيِ لمن تَكَرَّمَا (٤)
وفي الحَدِيْث : «لا تُسافِرُ امْرَأَةٌ إلَّا مع ذي مَحْرَمٍ منها» ، أَي مَن لا يحلُّ له نِكاحُها مِن الأَقارِبِ كالأَبِ والابنِ والعَمِّ ومَن يَجْري مجْرَاهُم.
وتَحَرَّمَ منه بِحُرْمَةٍ إذا تَمَنَّعَ وتَحَمَّى بذِمَّةٍ أَو صَحْبَةٍ أَو حقٍّ.
والمُحْرِمُ ، كمُحْسِنٍ : المُسالِمُ ، عن ابنِ الأَعْرَابيِّ في قوْلِ خِداشِ بنِ زُهَيْر :
إذا ما أَصابَ الغَيْثُ لم يَرْعَ غَيْثَهمْ |
|
من الناس إِلَّا مُحْرِمٌ أَو مُكافِلُ (٥) |
والمُحْرِمُ أَيْضاً : مَن في حَريمِك. وقد أَحْرَمَ إذا دَخَلَ في حُرْمَةٍ وذِمَّةٍ. وهو مُحْرِمٌ بنا أَي في حَرِيمِنا.
وقوْلُه تعالَى : وحِرْمٌ على قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهم لا يَرْجَعُون (٦) ، بالكسْرِ ، أَي واجِبٌ عليها إذا هَلَكَتْ أَنْ لا تَرْجَع إلى دُنْياها ، رُوِي ذلِكَ عن ابنِ عَبَّاس ، وهو قوْلُ الكِسائيّ والفرَّاءِ والزَّجَّاجِ وقَرَأَ أَهْلُ المَدينَةِ : (وَحَرامٌ). قالَ الفرَّاءُ : (وَحَرامٌ) أَفْشى في القِراءَةِ.
قالَ ابنُ بَرِّي : إِنَّما تَأَوَّلَ الكِسائيُّ (وَحَرامٌ) في الآيَةِ بمعْنَى
__________________
(١) اللسان. وبهامشه عن المحكم : «أن نبيح الحصن».
(٢) الحج الآية ٣٠.
(٣) في القاموس : ويُفْتَحُ.
(٤) اللسان والتهذيب.
(٥) اللسان والتهذيب.
(٦) الأنبياء الآية ٩٥ وفي المصحف : (وَحَرامٌ) والذي بالأصل هي قراءة حمزة والكسائي وأَبي بكر.