والمُحَرَّمُ ، كمُعَظَّمٍ ، من الإِبِلِ مِثْلُ العُرْضِيِّ : وهو الذَّلُولُ الوَسَطُ (١) ، الصَّعْبُ التَّصَرُّفِ حِينَ تَصَرُّفِه.
وناقَةٌ مُحَرَّمَةٌ : لم تُرَضْ.
وقالَ الأَزْهرِيُّ : سَمِعْتُ العَرَبَ تقولُ : ناقَةٌ مُحَرَّمَةُ الظَّهْرِ إذا كانت صعْبةً لم تُرَضْ ولم تُذَلِّلْ.
وفي الصِّحاحِ : أَي لم تَتِمَّ رِياضتُها بَعْدُ.
والمحَرَّمُ : الذي يَلينُ في اليَدِ من الأَنْفِ.
ومِن المجازِ : المُحَرَّمُ الجَديدُ من السِّياطِ لم يُلَيَّنْ بَعْدُ ، وفي الأَساسِ : لم يُمَرَّنْ ، قالَ الأَعْشَى :
تَرَى عينَها صَغْواءَ في جنبِ غَرْزِها |
|
تُراقِبُ كَفِّي والقَطيعَ المُحَرَّما(٢) |
أَرادَ بالقَطِيع سوطَهُ.
قالَ الأَزْهَرِيُّ : وقد رأَيْت العَرَبَ يُسَوُّونَ سِياطَهم مِن جُلُودِ الإِبِلِ التي لم تُدْبَغْ ، يأْخُذُونَ الشَّريحةَ العَريضَةَ فيَقْطعونَ منها سُيوراً عِراضاً ويدْفنونَها في الثَّرَى ، فإذا نَدِيَتْ (٣) ولانَتْ جَعَلوا منها أَرْبع قَوًى ، ثم فَتَلُوها ، ثم علَّقُوها في شِعْبَي خَشَبةٍ يَرْكُزونَها في الأَرْضِ فتُقِلُّها مِن الأَرْضِ مَمْدودةً وقد أَثْقلُوها حتى تَيْبَس.
والمُحَرَّمُ : الجِلْدُ الذي لم يُدْبَغْ ، أَو لم تَتِمَّ دِباغَته ، أَو دُبِغَ فلم يَتَمَرَّن ولم يبالغْ ، وهو مجازٌ.
والمُحَرَّمُ : شَهْرُ اللهِ رَجَب الأَصَبُّ.
وقالَ الأَزْهَرِيُّ : كانتِ العَرَبُ تُسَمِّي شَهْرَ رَجَبَ الأصَمَّ ، والمُحَرَّمَ في الجاهِليَّةِ ، وأَنْشَدَ شَمِرٌ قَوْلَ حُمَيْد بنِ ثَوْرٍ :
رَعِيْنَ المُرارَ الجَوْنَ من كل مِذْنَبٍ |
|
شهورَ جُمادَى كُلَّها والمُحَرَّما(٤) |
قالَ : وأَرادَ بالمُحَرَّمِ رَجَبَ ، وقالَ : قالَهُ ابنُ الأعْرَابيِّ.
وقالَ الآخَرُ :
أَقَمْنا بها شَهْرَيْ ربيعٍ كِلاهما |
|
وشَهْرَيْ جُمادَى واسْتَحَلُّوا المُحَرَّما(٥) |
ج مَحارِمُ ومَحاريمُ ومُحَرَّماتٌ.
والأَشْهُرُ الحُرُمُ أَرْبَعة ، ثَلاثَةٌ سَرْدٌ أَي مُتَتابِعَةٌ ، وواحِدٌ فَرْدٌ ، فالسَّرْدُ : ذو القَعْدَةِ وذو الحِجَّةِ والمُحَرَّمُ ، والفَرْدُ : رَجَبُ ، ومنه قوْلُه تعالَى : (مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) (٦) ، قوْلُه : منها ، يُريدُ الكَثِيرَ ، ثم قالَ : (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) (٦) لما كانتْ قَلِيلَة.
والمُحَرَّمُ : شَهْرُ اللهِ سَمَّتْه العَرَبُ بهذا الاسْمِ لأَنَّهم كانوا لا يسْتَحلُّون فيه القِتالَ ، وأُضِيفَ إلى الله تعالَى إعْظاماً له كما قيلَ للكَعْبةِ بيتُ الله ، وقيلَ : سُمِّي بذلِكَ لأَنَّه مِن الأَشْهُرِ الحُرُمِ.
قالَ ابنُ سِيْدَه : وهذا ليسَ بقَوِيٍّ.
وفي الصِّحاحِ : مِن الشُّهورِ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ كانتِ العَرَبُ لا تَسْتحلّ فيها القِتالَ إلَّا حَيَّان : خَثْعَم وطَيِّيءٌ ، فإنَّهما كانا يَسْتَحِلَّان الشُّهورَ ، وكان الذين يَنْسؤُونَ الشُّهورَ أَيامَ المَوْسِم يقُولُونَ : حَرَّمْنا عليكُمُ القِتالَ في هذه الشُّهورِ إلَّا دِماء المُحِلِّينَ ، فكانتِ العَرَبُ تَسْتحلُّ دِماءَهُم خاصَّةً في هذه الشُّهورِ.
وقالَ النَّووِيُّ في شرْحِ مُسْلم : وقد اخْتَلَفوا في كَيْفيَّةِ عدّتِها على قَوْلَيْن حَكَاهُما الإمامُ أَبو جَعْفر النَّحَّاس في كتابِهِ صِنَاعَةَ الكِتاب قالَ : ذَهَبَ الكُوفيُّون إلى أَنَّه يقالُ : المُحَرَّمُ ورَجَبُ وذو القَعْدَةِ وذو الحِجَّةِ ، قالَ : والكتَّابُ يَمِيلُونَ إلى هذا القَولِ ليَأْتُوا بهنَّ مِن سَنَة واحِدَةٍ. قالَ : وأَهْلُ المَدينَة يقولُونَ : ذو العَقدة وذو الحِجَّةِ والمُحَرَّمُ ورَجَبُ ، وقومٌ ينْكِرُون هذا ويقولُونَ : جاؤُوا بهِنَّ مِن سَنَتَيْن.
قالَ أَبو جَعْفرٍ : وهذا غَلَطٌ بيِّنٌ وجَهْلٌ باللغَةِ لأَنَّه قد عُلِم المُرادُ وأَنَّ المَقْصودَ ذِكْرُها وأَنَّها في كلِّ سَنَةٍ فكيفَ يتوهَّمُ
__________________
(١) اهمل ضبط الطاء في اللسان ، وكتب مصححه : «ضبطت الطاء في القاموس بضمة ، وفي نسختين من المحكم بكسرها ولعله أقرب للصواب».
(٢) ديوانه ط بيروت ص ١٨٧ برواية :
... في جنب مؤقها |
|
تراقب في كفي القطيع المحرَّما |
والعجز في الصحاح والمقاييس ٢ / ٤٥ باختلاف أيضاً.
(٣) الأصل واللسان ، وفي التهذيب «اتدنت» بمعنى ابتلت ، ولعله أقرب للصواب.
(٤) ديوانه ص ٩ واللسان والتهذيب.
(٥) اللسان والتهذيب ، وفيهما «كليهما».
(٦) التوبة الآية ٣٦.