والظِّلُّ : الزِّئْبِرُ ، عن ابنِ عَبَّادٍ.
والظِّلُّ : اللَّيلُ نَفْسُه ، وهو قَوْلُ المْنَجمين زَعَمُوا ذلِكَ قالُوا : وإنّما اسْوَدَّ جِدًّا لأَنَّه ظِلُّ كُرَةِ الأَرْضِ ، وبَقَدرِ ما زَادَ بَدَنُها في العِظَمِ ازْدَادَ سَوَادُ ظلِّها.
وقالَ أَبْو حَيَّان : وظِلُّ كلِّ شيءٍ ذُرَاه وسِتْرُه ، ولذلِكَ سُمِّي اللَّيلُ ظِلًّا.
أَو ظِلُّ اللَّيلِ : جُنْحُهُ ، وفي الصِّحاحِ والفرق لابنِ السَّيِّدِ : سَوَادُه.
يقالُ : أَتَانَا في ظلِّ اللَّيلِ ، قالَ ذُو الرُّمَّةِ :
قد أَعْسِفُ النَّازِحَ المَجْهولَ مَعْسِفُه |
|
في ظِلِّ أَخْضَرَ يَدْعُو هامَهُ البُومُ (١) |
قالَ الجَوْهَرِيُّ : هو اسْتِعارَةٌ لأَنَّ الظِّلَّ في الحَقيقَةِ إنَّما هو ضَوْءَ شُعاعِ الشمسِ دُوْنَ الشُّعاعِ ، فإذا لم يَكُنْ ضَوْء فهو ظُلْمةٌ وليْسَ بظِلٍّ.
والظِّلُّ من كلِّ شيءٍ شَخْصُه لمَكانِ سَوَادِه ، ومنه قَوْلُهم : لا يُفارِقُ ظِلِّي ظِلَّكَ ، كما يقولُون : لا يُفارِقُ سَوَادِي سَوَادَك.
وقالَ الرَّاغِبُ : قالَ بعضُ أَهْلِ اللُّغةِ : يقالُ للشَّخصِ (٢) ظِلٌّ ، قالَ : ويدلُّ على ذِلكَ قَوْلُ الشاعِرِ :
لمّا نَزَلْنَا رَفَعْنَا ظِلَّ أَخْبِئَةٍ (٣)
وقالَ : ليْسَ يَنْصِبُون الظِّلَّ الذي هو الفَيْءُ إنما يَنْصِبُون الأَخْبِئَة.
وقالَ آخَرُ :
تَتْبَعُ أَفْيَاءَ الظِّلالِ عَشِيَّةً (٤)
أَي أَفْياء الشّخُوص ، وليْسَ في هذا دَلالَةٌ ، فإنَّ قَوْلَه رَفَعْنا ظِلَّ أَخْبئَة معْناهُ رَفَعْنا الأَخْبِئَة فرَفَعْنا به ظِلَّها فكأَنّه رَفَعَ الظّلَّ ، وقَوْلُه : أَفْياء الظِّلالِ فالظِّلالُ عامٌّ والفَيْءُ خاصٌّ ففيه إضافَةُ الشيءِ إلى جنْسِه ، فتأَمَّل. أَو ظِلُّ الشيءِ : كِنُّه.
والظِّلُّ من الشَّبابِ : أَوَّلُه ، هكذا في النسخِ ، والصَّوابُ على ما في نوادِرِ أَبي زَيْدٍ : يقالُ كان ذلِكَ في ظِلِّ الشتاءِ أَي في أَوّلِ ما جَاءَ من الشِّتاءِ.
والظِّلُّ من القَيْظِ : شِدَّتُه قالَ أَبُو زَيْدٍ : يقَالُ فَعَل ذلِكَ في ظِلِّ القَيْظِ أَي في شِدَّةِ الحَرِّ ، وأَنْشَدَ الأَصْمَعِيُّ :
غَلَّسْتُه قبل القَطا وفُرَّطِه |
|
في ظِلِّ أَجَّاج المَقِيظِ مُغْبِطِه (٥) |
والظِّلُّ من السَّحابِ : ما وَارَى الشّمسَ منه ، أَو ظِلُّه : سَوادُهُ.
والشّمسُ مُسْتَظِلَّةٌ أَي هي في السَّحابِ.
وكلُّ شيءٍ أَظَلَّك فهو ظُلَّةٌ.
والظِّلُّ من النَّهارِ : لَوْنُه إذا غَلَبَتْه الشّمسُ.
ويقالُ : هو يعيشُ في ظِلِّهِ أَي في كَنَفِهِ وناحِيَتِه أَي في عِزِّه ومَنَعَتِه وهو مجازٌ.
ومن أَمْثالِهم : اتْرُكْهُ ، ويُرْوَى. لأَتْرُكَنَّه ، تَرْكَ الظَّبْيِ ظِلَّهُ أَي مَوْضِع ظِلّهِ ، كما في العُبَابِ ، يُضْرَبُ للرَّجُلِ النُّفورِ لأَنَّ الظَّبْيَ إذا نَفَرَ من شيءٍ لا يعودُ إليه أَبداً ، والأَصْلُ في ذلِكَ أَنَّ الظَّبْيَ يَكْنِس في الحَرِّ ويَأْتِيه السَّامي فيُثِيرُه ولا يعودُ إلى كِناسِه ، فيُقالُ تَرَكَ الظَّبْيُ ظِلَّه ، ثم صَارَ مَثَلاً لكلِّ نافِرٍ من شيءٍ لا يعودُ إليه.
وقالَ الميْدانيّ : الظِّلُّ في المَثَلِ الكِناسُ الذي يُسْتَظَل به في شِدَّةِ الحَرِّ ، يُضْرَبُ في هَجْرِ الرجُلِ صاحِبِه.
وتَرْكَ بسكونِ الرَّاءِ لا بفتْحِه كما وَهِمَ الجوهريُّ.
قلْتُ : هو في العُبَابِ والتَّهْذِيبِ كما أَوْرَدَه الجَوْهَرِيُّ بنَصِّه وكفى له شاهِداً إيْراد هؤُلاء هكذا مَعَ أَنَّهم قد يَرْتكِبُون في الأَمْثالِ ما لا يرتكبُ في غيرِها فلا وَهْمَ حيْنَئِذٍ وأَحْسن من وَلَعِه بهذا التَّوْهِيم لو ذكر بَقِيَّة الأَمْثالِ الوَارِدَة فيه ممَّا ذَكَرَه الأَزْهَرِيُّ وغيرُه منها : أَتَيْته حِيْن شَدّ الظَّبي ظِلّه ، وذلك إذا كنِس نصْفَ النَّهارِ فلا يَبْرَحُ مكْنَسَه ، ومنها أَتَيْته
__________________
(١) اللسان والصحاح والمقاييس ٣ / ٤٦١.
(٢) المفردات : للشاخص.
(٣) المفردات بدون نسبة.
(٤) المفردات بدون نسبة.
(٥) اللسان والأساس والتهذيب والتكملة مقدماً لعجزه على صدره ، نبه عليه بهامش المطبوعة المصرية.