ورَأَيْتهم يُسَمُّونه : الطِّوَل والطِّيَل كعِنَب فيهما ، وقد تُشَدَّدُ لامُهُما في الشِّعْرِ ضَرُورَةً ، قالَ مَنْظورُ بنُ مَرْثَد الأَسَدِيُّ :
تَعَرَّضَتْ لي بمَكَانٍ حِلِّ |
|
تَعَرُّضاً لم يَأْلُ عن قَتْلِ لِّي |
تَعَرُّضَ المُهْرَةِ في الطِّوَلِّ (١)
قالَ الجَوْهَرِيُّ : وقد يَفْعَلُون مِثْلَ ذلِكَ في الشِّعْرِ كثيراً ويَزِيدُون في الحَرْفِ من بعضِ حُرُوفِه ، قالَ الرَّاجِزُ :
قُطُنَّةٌ من أَجْوَدِ القُطُنِّ (٢)
قالَ ابنُ بَرِّي : وأَنْشَدَ غيرُه :
قُطْنُنَّةٌ من أَجْوَدِ القُطْنُنِّ
وأَوّلُه :
كأَنَّ مَجْرَى دَمْعِها المُسْتَنِّ
قالَهُ ذُهْلُ بنُ قريع ، ويقالُ : قاربُ بنُ سالِمٍ المُرِّي ، كلُّ ذلِكَ حَبْلٌ طَويلٌ يُشَدُّ به قائِمَةُ الدَّابَّةِ ، أَو هو الحَبْلُ تُشَدُّ به وتُمْسِكُ أَنْت طَرَفَه وتُرْسِلُها تَرْعَى ، أَو يُشَدُّ أَحَدُ طَرَفَيْه في وَتِدٍ والآخَرُ في يَدِ الفَرَسِ ليَدُورَ فيه ويَرْعَى لا يَذْهَب لوَجْهِه ، قالَ مُزَاحِمُ :
وسَلْهَبةٍ قَوْداءَ قُلِّصَ لَحْمُهَا |
|
كسِعْلاةِ بِيدٍ في خِلالٍ ، وتِطْوَل |
وقالَ طَرْفَةُ :
لَعَمْرُكَ إنَّ الموتَ ما أَخْطَأَ الفَتَى |
|
لَكَالطِّوَلِ المُرْخَى وثِنْياهُ باليَدِ (٣) |
وفي الحدِيثِ : «لا حِمَى إلَّا في ثلاثٍ : طِوَلِ الفَرَسِ ، وثَلَّةِ البْئرِ ، وحَلَقةِ القَوْمِ» ، يعْنِي إذا نَزَلَ رجُلٌ في عَسْكرٍ على مَوْضِعٍ له أَنْ يَمْنَعَ غيرَهُ طَوِلَ فَرَسِه ، وكذلِكَ إذا حَفَرَ بئْراً له أَنْ يَمْنَعَ غيرَهُ مِقْدارَ ما يكونُ حَرِيماً له.
وطَوَّلَ لها تَطْوِيلاً : أَرْخَى طَويلَتَها في المَرْعَى ، ويقالُ : طَوِّل لفَرَسِك يا فلانُ أَي أَرْخِ حَبْلَه في مَرْعَاهُ. وفي الحدِيثِ : «ورجُلٌ طَوَّلَ لها في مَرْجٍ فقَطَعَتْ طوّلها» ، وفي آخَرَ : «فأَطَالَ لها (٤) الطَّوَلَ والطِّيَلَ». وطَوَّلَ لَه تَطْويلاً : أَمْهَلَه ولم يَعْجِلْه.
والطَّوَالُ ، كَسَحابٍ : مَدَى الدَّهْرِ.
قالَ الجَوْهَرِيُّ : هو من قَوْلِكَ : لا أُكَلِّمَهُ طَوَال الدَّهْرِ وطَوَل الدَّهْر بمَعْنًى ، وذَكَرَه أَيْضاً ابنُ مالِكٍ في المثلثات.
ويقالُ : طالَ طِوَلُكَ وطِيَلُكَ ، كعِنَبٍ فيهما ، وطُوَلُكَ ، بالضمِ ، وهذه عن كراع ، وطَوْلُكَ ، بالفتحِ ، وطِيَلُكَ ، بالكسرِ ، وهذه عن كراعٍ أيْضاً وطُوَلُك ، كصُرَدٍ ، وطَوَالُكَ ، كسَحابٍ ، وطِيَالُكَ ، ككِتاب ، قالَ الجَوْهَرِيُّ : كلُّ ذلِكَ ذَكَرَه ابنُ السِّكِّيت ، قالَ : فأمَّا الحَبْل فلم نَسْمَعْه إلّا بِكَسْرِ الأَوَّلِ وفتحِ الثَّاني : أَي طالَ مُكْثُكَ وتَمادِيْكَ في أَمْرٍ أَو تَرَاخِيك عنه كما في الأسَاسِ ، وهو مجازٌ.
وقالَ الزَّجَّاجُ : طَالَ طِيَلُك وطِوَلُك أَي طَالَتْ مُدّتُكَ أَو عُمُرُكَ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ وهو مجازٌ أَيْضاً ، أَو غَيْبَتُكَ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ أَيْضاً ، قالَ القَطَاميُّ :
إنَّا مُحبُّوكَ فاسْلَمْ أَيُّها الطَّلَلُ |
|
وإن بَلِيتَ وإنْ طالَتْ بك الطِّوَلُ(٥) |
ويُرْوَى : الطِّيَلُ جَمْعُ طِيْلة ، والطِّوَلُ جَمْعُ طِوَلة ، فاعْتَلَّ الطِّيَلُ وانْقَلَبَت ياؤُه واواً لاعْتِلالِها في الواحِدِ ، فأَمَّا طِوَلَة وطِوَل فمن بابِ عِنَبَةٍ وعِنَبٍ ، وقالَ طُفَيْلُ :
أَتَانا فلم نَدْفَعْه إذ جَاءَ طارِقاً |
|
وقُلْنَا له قد طَالَ طُولُك فانْزِلِ (٦) |
أَي أَمْرُكَ الذي أَنْتَ فيه من طُولِ السَّفَرِ ومُكَابَدَةِ السَّيرِ ، ويُرْوَى : طِيَلُك ، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي :
أَمَا تَعْرِف الأَطْلالَ قد طَالَ طِيلُها (٧)
__________________
(١) اللسان والأول والثالث في الصحاح والتهذيب.
(٢) الصحاح واللسان وفيه رواية أخرى ونسب الرجز لذهل بن قريع أو قارب بن سالم المري.
(٣) ديوانه ط بيروت ص ٣٤ ، من معلقته ، واللسان والأساس والتهذيب والمقاييس ٣ / ٤٣٤ والصحاح.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : فأطال لها الخ كذا بخطه وعبارة اللسان : فأطال لها فقطعت طيلها الطول والطيل بالكسر الخ ما فيه ، وهي ظاهرة».
(٥) اللسان والتهذيب.
(٦) اللسان.
(٧) اللسان بدون نسبة.