وُجُوهٍ منها : كَوْن يائِه حُكِي فيها التَّخْفِيفُ وياءُ النَّسبِ لا تُخَفَّفُ ، ومنها أَنَّ دَعْوى النَّسبِ إنَّما ادَّعُوها في لُغةِ الفَتْح ، وأَمَّا من نَقَل الضمَّ في الخصوصِيَّة وشَبَهِه فلا يُتَصَّور عنْدَه نَسَبٌ ، ومنها : أَنَّ هذه الياءَ وَقَعَتْ في كثيرٍ من المَصَادِر التي ليْسَتْ على فعولةٍ كالطَّواعيَّةِ ، ومنها : أنّ هذا اللَّفظَ نَفْسَه حَكَاه جماعَةٌ غيرُ عياضٍ كابنِ سِيْدَه وشُرَّاحِ الفَصِيحِ وغيرِهم فلا يصحُّ ما قالَهُ الشّهاب وإن اعْتَمَدَ فيه على الرَّاغِبِ وأَيَّدَهُ بكَلامِ المَرْزُوقيّ وغيرِه ، فلا الْتِفَات إليه ، إذ على تَسْلِيم ما قالُوه فقد صحَّ ثُبوتُ الطُّفولِيَّة وصَحَّت الخُصوصِيَّةُ ، واللهُ أَعْلم ، إنتهى.
قلْتُ : وقد سَبَقَ شيءٌ من ذلِكَ في «خ ص ص» فرَاجِعْه.
ونَقَلَ الأَزْهَرِيُّ عن أَبي الهَيْثمِ قالَ : الصَّبِيُّ يُدْعَى طِفْلاً حِيْن يَسْقطُ من بَطْنِ أُمِّه إلى أَنْ يَحْتلمَ.
وقالَ المَنَاويُّ : ويَبْقى هذا الاسمُ له حتى يُمَيِّزَ ثم لا يقالُ له بعْدَ ذلِكَ طِفلٌ بل صَبيٌّ ، وهذا مُنَازَع بما قالَهُ أَبُو الهَيْثم : إلى أَنْ يَحْتَلم فتأمَّلْ.
قالَ الجَوْهَرِيُّ : وقد يكونُ الطِّفْلُ واحِداً وجَمْعاً مِثْلُ الجُنُبِ. قالَ اللهُ تعالَى : (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) (١) ، ج أَطْفالٌ. قالَ الزَّجَّاجُ في قَوْلِه تعالَى : (ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) (٢). أَنَّه هنا في مَوْضِعِ أَطْفالٍ ، والعَرَبُ تَقُولُ : جارِيَةُ طِفْلَةٌ وطِفْلٌ ، وجَارِيَتان طِفْلٌ ، وجَوارٍ طِفْلٌ ، وغُلامٌ طِفْلٌ ، وغِلْمان (٣) طِفْلٌ. ويقالُ : طفْلٌ وطِفْلَةٌ وطِفْلانِ وأَطْفالٌ وطِفْلَتانِ وطِفْلاتٌ في القِياسِ.
وفي حدِيثِ الاسْتِسْقَاءِ : أَن أَعْرَابِيّاً أَنْشَدَ النبيَّ ، صلىاللهعليهوسلم :
أَتَيْنَاك والعَذْراء يدمى لبانها |
|
وقد شُغِلَت أُمُّ الصّبيِّ عن الطِّفْل |
ومن المجازِ : الطِّفْلُ : الحاجَةُ الصَّغيرَةُ. يقالُ : هو يَسْعَى لي في أَطْفالِ الحَوَائجِ أَي صِغارُها ، كما في الأسَاسِ. والطِّفْلُ أَيْضاً : اللَّيلُ. يقالُ : أَتَيْته واللّيلُ طِفْلٌ في أَوَّلِه وهو مجازٌ كما في الأسَاسِ.
والطِّفْلُ أَيْضاً : الشَّمسُ قُرْبَ الغُروبِ عن ابنِ سِيْدَه ، قالَ الشاعِرُ :
ولا مُتَلافِياً والشَّمْسُ طِفْلٌ (٤)
ومن المجازِ : الطِّفْلُ سَقْطُ النَّارِ ، كما في المُحْكَمِ : أَو الجَمْرَةُ ، كما في الأَسَاسِ. يقالُ : لَفَفْت في الخرْقَةِ طِفْلَ النارِ.
وفي التَّهْذِيبِ : يقالُ للنَّارِ ساعَةَ تُقْدَحُ طِفْلٌ وطِفْلَةٌ والجَمْعُ أَطْفالٌ ، ومنه تَطَايَرَت أَطْفالُ النارِ أَي شَرَرها ، وكلُّ ذلِكَ قد فُسِّر به قَوْلُ زُهَيْرٍ :
لأَرْتَحِلَنْ بالفَجْرِ ثم لأَدْأَبَنْ |
|
إلى اللَّيل إلَّا أَنْ يُعَرِّجَني طِفْلُ(٥) |
يعْنِي حاجَةً يَسِيرة مِثْل قَدْح نارٍ أَو نزولٍ للبَوْلِ وما أَشْبَهَه. وكلُّ جُزْءٍ من كلِّ شيءٍ عَيْناً كانَ أَو حَدَثاً طِفْلٌ ، والجَمْعُ أَطْفالٌ ، ومن هنا قالُوا طِفْلُ الهَمِّ والحُبِّ قالَ :
يَضُمُّ إليَّ اللَّيلُ أَطْفالَ حُبِّها |
|
كما ضَمَّ أَزْرارَ القَمِيص البَنائقُ (٦) |
والمُطْفِلُ ، كمُحْسِن : ذاتُ الطِّفْلِ من الإِنْسِ والوَحْشِ ، وقد أَطْفَلَتِ المرْأَةُ والظَّبْيَةُ والنَّعَمُ ، قالَ لَبيدٌ :
فَعَلا فُروعَ الأَيْهَقان وأَطْفَلَت |
|
بالجَلْهَتَيْن ظِباؤُها ونَعامُها (٧) |
وفي الصِّحاحِ : المُطْفِلُ الظَّبْيَةُ مَعَها وَلَدُها وهي قَرِيبَةُ عَهْدِ بالنَّتاجِ ، ج مَطافِيلُ ومَطافِلُ ، قالَ رُؤْبَة في الظِّبَاءِ :
فاستبدلت من أَهْلِها بدائلا |
|
عيناً وآراماً بها مَطافِلا |
__________________
(١) النور الآية ٣١.
(٢) غافر ٦٧.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وغلمان طفل ، سقط قبله من خطه كاللسان : وغلامان طفل نظير ما قبله».
(٤) وعجزه في اللسان والأساس والتهذيب :
ببعض نواشغ الوادي حمولاً
ولم ينسبه في اللسان ، ونسبه في الأساس للمرار وصدره فيه :
ولا متلاقياً والليل طفل
(٥) ديوانه ط بيروت ص ٥٩ واللسان والأساس والتهذيب.
(٦) اللسان.
(٧) ديوانه ط بيروت ص ١٦٤ واللسان والتهذيب.