أَو القَبَلَةُ ، محرَّكةً : شيءٌ من عاجٍ مُسْتَدِيرٌ يَتَلَأْلَأُ يُعَلَّقُ في صدْرِ المرأَةِ أَو الصبيِّ أَو الفَرَسِ.
وقَيلَ : حَجَرٌ عَريضٌ يُعَلَّقُ على الخيْلِ تُدْفَعُ بها العَيْنُ.
ورأيْتُه قَبَلاً ، محرَّكةً وبضَمَّتَيْنِ وكصُرَدٍ وكعِنَبٍ ، وقَبَلِيّاً محرَّكةً مُشَدَّدَة الياءِ ، وقَبِيلاً كأَميرٍ ، اقْتَصَرَ الجوْهرِيُّ على الأُوْلَى والثانِيَةِ والرَّابعةِ : أَي عِياناً ومُقابَلَةً.
وفي حدِيْثِ أَبي ذَرٍّ : «خَلَقَ اللهُ آدَمَ بيدِه ثم سَوَّاهُ قِبَلاً» وفي رِوايَةٍ : «أَنَّ اللهَ كَلَّمهُ قِبَلاً» ، أَي عِياناً ومُقابَلَةً لا مِن وَرَاء حِجابٍ ومِن غيرِ أَنْ يولِّي أَمْرَه أَو كَلامَه أَحداً مِن مَلائِكَتِه.
وقيلَ قِبَلاً وقَبَلاً أَي اسْتِئنافاً واسْتِقْبالاً ، وقَبَلاً وقِبَلاً أَي مُقابَلَةً ومُشاهَدَةً.
وقالَ الزَّجاجُ : كلُّ ما عَايَنْته قلْتَ فيه أَتاني قَبَلاً أَي مُعايَنَةً ، وكلُّ ما اسْتَقْبَلَكَ قَبَل.
وفي التَّنْزيلِ العَزيزِ : وحَشَرْنا عليهم كلّ شيءٍ قِبَلاً (١) أَي عِياناً ، ويُقْرَأُ : (قُبُلاً) أَي مُسْتَقبلاً ؛ وكذا قوْلُه تعالَى : (أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً) (٢) أَي عِياناً ، وقُرِىءَ أَيْضاً قَبَلاً أَي مُقابَلَةً ، قالَهُ الزَّجَّاجُ.
ولي قِبَلَه مالٌ ، بكسرِ القافِ ، أَي مع فتْحِ الموحَّدَةِ.
قالَ شيْخُنا : فيه مُخالَفَةٌ لاصْطِلاحِ ضَبْطه المَشْهور فإِنَّه يكْفي أَنْ لو قالَ بالكسْرِ ، فتأَمَّلْ ، انتَهَى.
قلُتُ : لو قالَ بكسْرِ القافِ لظُنَّ أَنَّه بسكونِ ثانِيهِ كما هو اصْطِلاحُه ولكنَّه أَظْهَرَ الضَّبْط ليُعْلم أَنَّ ما بعْدَه مُتَحرِّكٌ ، وكذا لي قِبَلَ فلانٍ حقٌّ : أي عنْدَه وقبل يكون لما ولى الشيء تقولُ ذَهَبَ قبل السّوق ولي قِبَلَك مالٌ ، ثم اتُّسِعَ فيه فأُجْرِي مَجْرَى على ، إِذا قلْتَ : لي عليك مالٌ.
ويقالُ : أَصابَنِي هذا الأَمْرُ مِن قِبَلِه ، أَي مِن تِلْقائِه مِن لَدُنه ليسَ مِن تِلْقاءِ المُلاقاةِ لكن على معْنىً مِن عنْدِه ، قالَهُ اللّيْثُ.
وما لي به قِبَلٌ ، كعِنَبٍ ، أَي طاقَةٌ ، ومنه قوْلُه تعالى : (فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها) (٣) ، أَي لا طاقَةَ لهم بها ولا قُدْرَةَ لهم على مُقاوَمَتِها.
والقَبِيلُ ، كأَميرٍ : الكَفِيلُ ، وبه فُسِّرَ قوْلُه تعالَى : وحَشَرْنا عليهم كلّ شيءٍ قَبيلا ، في قِراءَةِ مَنْ قَرَأَ ويكونُ المعْنَى : لو حَشَر عليهم كلّ شيءٍ فكفَلَ لهم بصحَّةِ ما يقولُ (ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا).
والقَبِيلُ : العَريفُ.
وأَيْضاً : الضَّامِنُ ، وهو قَريبٌ مِن معْنى الكَفِيلِ ، وجَمْعُ الكُلِّ قُبُلٌ وقبلاءُ.
وقد قَبَلَ به ، كنَصَرَ وسَمِعَ وضَرَبَ ، الثانِيَةُ نَقَلَها الصَّاغانيُّ يَقْبُل ويَقْبَل قَبالَةً بالفتْحِ : كَفَلَه وضَمِنَه ؛ قالَ :
إِنّ كَفِّي لَكِ رَهْنٌ بالرِّضا |
|
فاقْبُلي يا هندُ قَالَتْ : قد وَجَبْ (٤) |
قالَ أَبو نَصْر : اقْبُلي معْناهُ كُوني أَنْتِ قَبِيلاً.
قالَ اللَّحْيانيُّ : ومِن ذلِكَ قيلَ كتَبْت عليهم القَبالَةَ.
ويقالُ : نحنُ في قِبالَتِه ، بالكسْرِ ، أَي عِرافَتِه.
وقَبَّلْتُ العامِلَ العَمَلَ تَقَبُّلاً ، وهذا نادِرٌ لخُرُوجِه عن القِياسِ ، والاسْمُ : القَبالَةُ.
وتَقَبَّلَهُ العامِلُ تَقْبِيلاً ، وهو نادِرٌ أَيْضاً لخُرُوجِه عن القِياسِ.
وحَكَى بعضٌ وُرُودَهما على القِياسِ قبلته إِيَّاه تَقْبيلاً وتَقَبله تَقَبُّلاً.
وفي الأَساسِ : وكلُّ مَنْ تَقَبَّل بشيءٍ مُقاطعةً وكُتِبَ عليه بذلِكَ الكِتابُ فعَمَلُه القِبَالَةُ ، والكِتابُ المَكْتوبُ عليه هو القَبَالَةُ ، انتَهَى.
وفي حديْثِ ابنِ عبَّاسٍ : «إِيَّاكُم والقَبالاتُ فإنَّها صغارٌ وفَضْلُها رِباً» ، هو أَنْ يَتَقَبَّل بخَراجٍ أَو جِبَايَةٍ أَكْثر ممَّا أَعْطَى ، فذلِكَ الفَضْل رِباً ، فإِنْ تقبَّلَ وزَرَعَ فلا بأْسَ.
والقَبِيلُ : الزُّوجُ.
__________________
(١) سورة الأنعام الآية ١١١.
(٢) الكهف الآية ٥٥.
(٣) النمل الآية ٣٧.
(٤) اللسان.