قالَ شيْخُنا : كانَ الأَظْهَر في العِبارَةِ أَنْ يقولَ : الغَيْلُ أَنْ تُرْضِعَ المرْأَةُ وَلَدَها الخ. كذا قالَهُ بعضُ أَرْبابِ الحَواشِي ، وهو ظاهِرٌ فتأَمَّلْ.
وأَغالَتِ المرْأَةُ ولَدَها وأَغْيَلَتْه : سَقَتْه الغَيْلَ ، الذي هو لَبَنُ المأْتِيَّة أَو لَبَنُ الحبْلَى ، فهي مُغِيلٌ مُغْيِلٌ ، وهو أَي الوَلَدُ مُغالٌ ومُغْيَلٌ ، قالَ امْرؤُ القَيْسِ :
فمِثْلك حُبْلى قد طَرَقتُ ومُرْضِعاً (١) |
|
فأَلْهَيْتُها عن ذي تَمائِم مُغْيَلِ(٢) |
وأَغالَ فلانٌ وَلَدَه إِذا غَشِيَ أُمَّه تُرْضِعُه ، واسْتَغْيَلَتْ هي نفْسُها ، والاسْمُ : الغِيلَةُ ، بالكسْرِ.
يقالُ : أَضرَّتِ الغِيْلَةُ بولَدِ فلانٍ إِذا أُتِيَتْ أُمُّه وهي تُرْضِعُه ، وكَذلِكَ إِذا حَمَلَتْ أُمُّه وهي تُرْضِعُه.
وفي الحدِيثِ : «لقد هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عن الغِيْلَةِ حتى ذكرت أَنَّ فارِسَ والرُّومَ يَفْعلُونَه فلا يضرُّ أَوْلادَهم» ، وفي رِوايَةٍ : تَفْعلُ ذلِكَ فلا يَضِيرُهم.
وقالَ ابنُ الأَثيرِ : والفتْحُ لُغَةٌ ، وقيلَ : الكسْرُ للاسْمِ والفتْحُ للمَرَّةِ ، وقيلَ : لا يصحُّ الفتْحَ إِلا مع حذْفِ الهاءِ.
والغَيْلُ ، بالفتْحِ : السَّاعدُ الرَّيَّانُ المُمْتَلِىءُ ، نَقَلَه الجوْهرِيُّ ، وأَنْشَدَ لمنْظورٍ بنِ مَرْثدٍ الأَسَدِيِّ :
لَكاعبٌ مائلة في العِطْفَيْن |
|
بَيْضاء ذاتُ ساعِدَيْن غَيْلَيْن |
أَهْوَنُ من ليلي وليلِ الزَّيْدَيْن |
|
وعُقَب العِيسِ إِذا تمطَّين (٣) |
والغَيْلُ : الغُلامُ السَّمينُ العظيمُ ، والأُنْثَى غَيْلةٌ ، كالمُغْتالِ فيهما ، أَي في الساعِدِ والغُلامِ ، قالَ المُتَنَخّلُ الهُذَليُّ :
كوَشْمِ المِعْصَم المُغْتالِ غُلَّت |
|
نَواشِزُه بوَسْمٍ مُسْتَشاطِ (٤) |
قالَ ابنُ جنيِّ : قالَ الفرَّاءُ إِنَّما سُمِّي المِعْصَم المُمْتَلِىءُ مُغْتالاً لأَنَّه مِن الغَوْلِ ، وليسَ بقَويٍّ لوجُودِنا ساعد غَيْل في معْناه.
والغَيْلُ أَيْضاً : الماءُ الجارِي على وَجْهِ الأَرضِ ، كما في الصِّحاحِ.
وقولُ شيْخِنا : كَلامُ المصنِّفِ صَرِيحٌ في أَنَّهُ بالفتْحِ ، والذي في الصِّحاحِ وغيرِهِ مِن الأمهاتِ أَنَّه بالكسْرِ ، انتَهَى ، غَلَطٌ والصَّوابُ الفتْح ، ومِثْلُه في الصِّحاحِ والعُبابِ وسائِرِ الأَمهاتِ ، نَعَم الكَسْر لغَةٌ فيه ، نَقَلَه ابنُ سِيْدَه.
وقالَ بعضُهم : الغَيْلُ ما جَرَى مِن المِياهِ في الأَنْهارِ والسَّواقي ، وأَمَّا الذي يَجْرِي بينَ الشَّجَر فهو الغَلَلُ.
وفي الحَديثِ : «ما سُقيَ بالغَيْلِ ففيه العُشْر ، وما سُقِي بالدَّلْو ففيه نِصْفُ العُشْر».
والغَيْلُ : الخَطُّ تَخُطُّه على الشَّيءِ (٥).
وأَيْضاً ماءٌ كانَ يَجْرِي في أَصْلِ جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ يَغْسِلُ عليه القَصَّارونَ.
وأَيْضاً : كلُّ وادٍ ونحْوه فيه عُيونٌ تَسيلُ.
وقالَ اللَّيْثُ الغَيْلُ مَكانٌ مِن الغَيْضةِ فيه ماءٌ مَعِينٌ ، وأَنْشَدَ :
حِجارةُ غَيْلٍ وارِسات بطُحْلُب
والغَيْلُ : الذي تَراهُ قَريباً وهو بَعِيدٌ ، مُقْتَضى سِياقِه أَنَّه بالفتْحِ.
والذي في العُبابِ : الغيلُ مِن الأَرضِ الذي تَراهُ قَريباً وهو بَعِيدٌ وضَبَطَه كسيدٍ ، فانْظُرْ ذلِكَ.
وتَقَدَّمَ في «غ ول» عن ابنِ خَالَوَيْه : أَرْضٌ ذاتُ غَوْل بهذا المعْنَى ، فتأَمَّلْ.
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : ومرضعاً ، كذا بخطه بالنصب كاللسان ويروي : ومثلك بكراً قد طرقت وثيباً كذا في اللسان وقد ذكر في شرح الديوان جوازاً الخفض والنصب ووجههما فانْظُرْهُ».
(٢) من معلقته ، ديوانه ط بيروت ص ٣٥ وفيه : «ومرضعٍ ... محولِ» والمثبت كرواية اللسان والمقاييس ٤ / ٤٠٦ وفيها «ومرضعٍ» وعجزه في الصحاح.
(٣) اللسان بدون نسبة والأول والثاني في الصحاح والتهذيب والثاني في المقاييس ٤ / ٤٠٦.
(٤) ديوان الهذليين ٢ / ١٨ وفيه : بوشمٍ «والمثبت كاللسان.
(٥) القاموس : شيءٍ