وقيلَ : هو الخَسِيسُ أَو الرَّدِيءُ من كلِّ شيءٍ.
ورجُلٌ رَذْلُ الثيابِ والفِعْلِ ج أَرذالٌ ، وفي بعضِ النسخِ : أَرَاذلٌ ، ورُذُولٌ ، بالضمِ ، ورُذَلاءُ جَمْعُ رَذِيلٍ ، عن يَعْقوب ، ورُذالٌ بالضمِ ، وهو من الجَمْعِ العَزيزِ وقد تقدَّمَتْ نظائِرُه في «ر خ ل» قَرِيباً ، وأَرْذَلونَ ولا تُفارِقُ هذه الألِفَ واللامَ ، وقَوْلُه عزوجل : (وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ) (١) ، قالَهُ قَوْمُ نُوحٍ له ، قالَ الزَّجَّاجُ : نَسَبُوهم إلى الحِياكَةِ والحِجَامَةِ ، قالَ : والصِّناعَات لا تَضُرُّ في بابِ الدِّيانَاتِ.
وفي العُبَابِ : ويَجْمَعُ الأَرْذَالَ الأَرَاذِل ، قالَ اللهُ تعالَى : (إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ) (٢) أَي أَخِسَّاؤُنا.
وقد رَذُلَ ككَرُمَ وعَلِمَ ، الأَخِيرَةُ لغَةٌ نَقَلَها الصَّاغانيُّ ، رَذالَةً بالفتحِ ورُذولَةً بالضمِ ، كِلَاهُما من مَصَادِرِ رَذُلَ ككَرُمَ.
وقد رَذَلَهُ غيرُهُ يَرْذُلُه رَذْلاً وأَرْذَلَهُ جَعَلَه كذلِكَ ، وهو رَذْلٌ ومَرْذُولٌ.
وحَكَى سِيْبَوَيْه : رُذِلَ كعُنِيَ ، قالَ : كأَنَّه وَضَعَ ذلِكَ فيه يعْنِي أَنَّه لم يَعْرض لرُذِلَ ، ولو عَرَض له لقَالَ رَذَّلَه وشَدَّدَ.
والرُّذَالُ والرُّذَالَةُ بضمِّهما ما انْتُقِي جَيِّدُهُ وبَقِي رَدِيْئُه.
والرَّذيلَةُ ضِدُّ الفَضيلَةِ والجَمْعُ الرَّذَائِلُ.
واسْتَرْذَلَهُ ضِدُّ اسْتَجَادَهُ ، ومنه الحدِيثُ : «ما اسْتَرْذَلَ اللهُ عَبْداً (٣) إلَّا حَظَر عنه العِلْمَ والأَدَبَ».
وأَرْذَلَ الرجُلُ صارَ أَصْحابُهُ رُذَلاءَ ورُذَالَى ، كحُبَارَى وأَرْذَلُ العُمُرِ : أَسْوَؤُهُ ، هكذا في النسخِ الصَّحيحَةِ ، وتَقْديرُه : رذالى العُمُرِ وأَرْذَلُه : أَسْوَؤُهُ ، وإنْ كانَ في العبارَةِ قصورٌ مَّا ، ووُجِدَ في بعضِ النسخِ بحذْفِ الواوِ هكذا.
ورذالى أَرْذَل العُمُرِ وهو مُطابقٌ لمَا في العُبَابِ.
ووَقَعَ في نسخَةِ شيْخِنا ورُذَلاء العُمُرِ ، وكحُبَارَى ، أَسْوَؤُهُ.
قلْتُ : وهو خَطَأٌ ، قالَ : وزَعَمَ بعضٌ أنَّ حُبَارَى هنا لَفْظٌ مُقْحَمٌ ، ولولا هي لكانَ رَدّ بالمُهْمَلةِ وإلى مُتَعَلّق به نَظِير الآيَةِ على أَنَّ هذا الوَزْنَ غيرُ مَوْجودٍ في كَلامِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ فليُحَرَّر.
قالَ شيْخُنا. ولو كان كذلِكَ لكانَتْ إلى مَكْتوبَة بالياءِ ، وهي في أُصُولِ القَاموسِ بِلام أَلِف وهو يُنافي ما قالُوه.
قلْتُ : وهذا بناءٌ على ما وَقعَ في نسْخَتِه ، وأَمَّا التي بأُصُولِ النسخِ الجَيِّدَةِ رذالى بالياءِ ، ولذا صَحَّ وَزْنُه بحُبَارَى فحينئذٍ ما زَعَمَه بعضٌ لا مريةَ فيه.
ثم قالَ : وقالَ آخَرُون لعلَّه نَظِيرُ ما وَقَعَ للجَوْهَرِيِّ في بهازره وضريحيات ، ثم قالَ : والظاهِرُ أَنَّ المَتْنَ ورُذَلاء أَرْذَل العُمُرِ أي أَنَّه بالمدِّ وكحُبَارَى ، أي يقالُ مَقْصوراً ، وقَوْلُه : أَسْوَؤُهُ شَرْحٌ له والله أَعْلَم فتأمَّلْ.
قلْتُ : وكلُّ ذلِكَ خَبْطَ عَشْواءٍ وضَرْبٌ في حديدٍ بارِدٍ ، وسَبَبُه عَدَمُ التَّأمُّلِ في أُصُولِ اللُّغَةِ والنسخِ المَقْرُوءَةِ المُقَابَلَةِ ؛ والصوابُ في العبارَةِ وأَرْذَل : صارَ أَصْحابُه رُذَلاءَ ورُذَالَى كحُبَارَى ، إلى هنا تَمَام الجُمْلَةِ.
ثم قالَ : وأَرْذَلُ العُمُرِ : أَسْوَؤُه ، وبهذا ينْدَفِعُ الإِشْكَالُ ويَتَّضحُ تَحْقِيق المَقَامِ في الحالِ.
ثم أَرْذَلُ العُمُرِ فَسَّرَه الزَّمْخْشَريُّ بالهَرَمِ والخَرَفِ أي حتى لا يَعْقِل ، ويدلُّ لذلِكَ قَوْلُه تعالَى فيمَا بعْدُ في الآيَةِ : (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً) (٤).
وفي الحدِيثِ : «أَعُوذُ بكَ أَنْ أُرَدَّ (إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ)» ، أي حالَ الكِبَرِ والعَجُزِ.
* وممَّا يُسْتَدْرَكُ عليه :
ثَوْبٌ رَذْلٌ ورَذِيلٌ : وسِخٌ رَدِيءٌ.
ودِرْهَمٌ رَذْلٌ : فَسْلٌ.
وأَرْذَلَ الصَّيْرفيُّ من دَرَاهِمِي كذا أي فَسَّلَها.
وأَرْذَلَ غَنَمِي وأَرْذَلَ من رِجَالِه كذا وكذا رَجُلاً لم يَرْضَهم.
[رسل] : الرَّسَلُ : محرَّكةً ، القَطِيعُ من كلِّ شيءٍ ج أَرْسالٌ ، هكذا في المُحْكَمِ.
__________________
(١) سورة الشعراء الآية ١١١.
(٢) هود الآية ٢٧.
(٣) بالأصل «عبد».
(٤) سورة الحج الآية ٥.