وأَرْحَلَها صاحِبُها : رَاضَها وذَلَّلَها فصارَتْ راحِلَةً ، وكذلِكَ أَمْهَرَها إِمْهاراً إِذا جَعَلَها الرَّائِضُ مَهْريَّةً.
وقالَ أَبُو زَيْدٍ : أَرْحَلَ البعيرَ فهو رجُلٌ مُرْحلٌ إِذا أَخَذَ بعيراً صَعْباً فجَعَلَه راحِلَةً.
والمُرَحَّلُ : كمُعَظَّمٍ بُرْدٌ فيه تَصاويرُ رَحْلٍ وما ضَاهَاهُ ، كما في التَّهْذِيبِ ، وتَفْسيرُ الجَوْهَرِيِّ إِيَّاهُ بإِزارِ خَزٍّ فيه عَلَمٌ غيرُ جَيِّدٍ وإِنما (١) ذلِكَ تفسيرُ المُرَجَّلِ بالجيمِ.
قالَ شيْخُنا : وقد يقالُ لا مُنَافَاة بَيْنهما إِذ يجوزُ أَنْ يكونَ العَلَمُ مُصَوَّراً بصورَةِ الرَّحْلِ ا ه.
وقَوْلُ امْرِىءِ القَيْسِ :
فقُمْتُ بها أَمْشِي تَجُرُّ وَرَاءَنا |
|
على إِثْرِنا أَذْيال مِرْطٍ مُرَحَّلِ(٢) |
يُرْوَى بالحاءِ وبالجيمِ أَي مُعَلَّم ويُجْمَعُ على المُرَحَّلات والمَرَاحِلُ ، ومنه الحدِيثُ : «كانَ يصلِّي وعليه من هذه المُرحَّلات» ، يعْنِي المُرُوطَ المُرَحَّلة. وفي آخَر : «حتى يَبْنيَ الناسُ بيوتاً يُوَشُّونها وَشْيَ المَرَاحِلِ» : والمِرْحَلُ كمِنْبَرٍ : القَوْيُّ من الجِمالِ على السَّيْرِ ، قالَهُ الفرَّاءُ.
وبعيرٌ ذو رِحْلَةٍ بالكسرِ والضمِ أَي قَوِيُّ على السَّيرِ ، قالَهُ الفرَّاءُ أَيْضاً كما في العُبَابِ.
والذي في التَّهْذِيبِ : بعيرٌ مُرْحِلٌ ورَحِيلٌ إِذا كانَ قَوِيّاً ، هكذا ضَبَطَه كمُحْسِنٍ (٣) فتأَمَّلْ.
وقالَ أَبُو الغَوْثِ : شاةٌ رَحْلاءُ سوْداءُ وظَهْرُها أَبْيضُ أَو عَكْسُهُ بأَنْ كانَتْ بَيْضاءَ وظَهْرها أَسْود.
وقالَ غيرُه : شاةٌ رَحْلاءُ سَوْداءُ بَيْضاءُ مَوْضع مَرْكَب الرَّاكِبِ من مَآخِير كَتِفِيها ، وإِن ابْيَضِّت واسْوَدَّ ظَهْرها فهي أَيْضاً رَحْلاءُ. زَادَ الأَزْهَرِيُّ : فإِن ابْيَضِّتْ إِحْدَى رِجْلَيها فهي رَجْلاءُ وهو مجازٌ.
قالَ أَبُو الغَوْثِ : وفرسٌ أَرْحَلُ : أَبْيضُ الظَّهْر فقط لأَنَّه مَوْضِعُ الرَّحْلِ أَي لم يَصِل البَيَاضُ إِلى البَطْنِ ولا إِلى العَجُزِ ولا إِلى العُنُقِ وهو مجازٌ. وبعيرٌ ذو رِحْلَةٍ ، بالكسرِ ، أَي قُوَّة على السَّيرِ.
وجَمَلٌ رَحيلٌ ، كأَميرٍ ، قَوِيُّ على السَّيرِ ، أَو على أَنْ يرحلَ ، وكذلِكَ ناقَةٌ رَحيلٌ. ومنه حدِيثُ الجعديّ : أَنَّ الزُّبَيْر (٤) أَمَرَ له برَاحِلَةٍ رَحيلٍ ، قالَ المبرِّدُ رَاحِلَةٌ رَحِيلٌ قَويُّ على الرِّحْلةِ والإِرْتِحَالِ. كما يقالُ : فَحْلٌ فَحِيلٌ ذو فِحْلَةٍ ، وقد تقدَّمَ قَوْلُه بعيرٌ ذُو رِحْلةٍ وضَبَطَه بالوَجْهَيْن قَرِيباً فإعَادَتُه ثانياً تِكْرارٌ.
ومِنَ المجازِ : تَرَحَّلَهُ إِذا ركِبَهُ بمَكْروهٍ.
وارْتَحَلَ البعيرُ رِحْله : سارَ ومَضَى ، وقَدْ جَرَى ذلِكَ في المنْطِقِ حتى قيلَ : ارْتَحَلَ القومُ عن المكانِ ارْتِحَالاً إِذا انْتَقَلُوا كترَحَّلُوا ، والاسمُ الرُّحْلَةُ بالضمِ والكسرِ ، يقالُ : إِنَّه لذو رُحْلة إِلى المُلوكِ ورِحْلَة ، حَكَاه اللّحْيانيّ ، أَي ارْتِحَالٌ.
أَو الرِّحْلَةُ بالكسرِ الارْتِحَالُ للمَسِيرِ ، يقالُ : دَنَت رِحْلَتنا ، ومنه قَوْلُه تعالَى : (رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ) (٥).
وبالضمِ الوَجْهُ الذي تَقْصِدُه وتُريدُه وتَأْخذُ فيه. يقالُ : أَنْتم رُحْلتِي أَي الذين أَرْتَحِلُ إِليهم ، قالَهُ أَبُو عَمْرٍو.
ويقالُ : مَكَّة رُحْلتِي أَي وَجْهِي الذي أُريدُ أَنْ أَرْتَحلَ إِليه.
ومن هنا أُطْلِق على الشَّرِيفِ أَو العالِمِ الكَبيرِ الذي يُرْحَلُ إِليه لجاهِهِ أَو عِلْمِه.
قالَ شيْخُنا : وفعلة في المَفْعولِ ادَّعَى أَقْوامٌ فيه القِياسَ.
والرُّحْلَةُ أَيْضاً : السَّفْرَةُ الواحدةُ ، عن ابنِ سِيْدَه.
والرَّحِيلُ كأَميرٍ اسمُ ارْتِحَالِ القومِ من رَحَلَ يَرْحَلُ يَرْحَل ، قالَ الرَّاعِي :
ما بالُ دَفِّكٍ بالفراشِ مَدِيلاً |
|
أَقَذًى بعينِكَ أَمْ أَرَدْتَ رَحيلاً (٦) |
والرّحِيلُ : مَنْزِلٌ بين مكةَ والبَصْرَةِ ، كما في اللِّسَانِ.
ورَاحِيلُ : اسمُ أُمِّ (٧) سَيِّدنا يوسفَ الصدِّيقِ عليهالسلام ، هكذا ضَبَطَه الصَّاغانيُّ وغيرُه ، وأَغَربَ الشَّاميّ حيثُ ضَبَطَه
__________________
(١) في القاموس : «إنما» بدون واو.
(٢) تقدم في «رجل» انظره مع تعليقنا عليه.
(٣) ضبط بالقلم في التهذيب بكسر الميم وسكون الراء وفتح الحاء.
(٤) في اللسان : أن ابن الزبير.
(٥) قريش الآية ٢.
(٦) ديوانه ط بيروت ص ٢١٣ والضبط عنه ، وفيه : «مذيلاً» بدل «مديلاً» وانظر تخريجه فيه.
(٧) ضبطت في القاموس بالضم ، وتصرف الشارح بالعبارة فاقتضى الجرّ.